إِبْرَاهِيمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدٌ يَسْأَلُهُمْ عَنْ قِصَّتِهِمْ، فَلَمْ يَظْهَرْ أَحَدٌ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ يَكُونُ فِي الْحَمَّامِ مُصَابِ الْعَيْنِ، يُعْرَفُ بِعِيسَى الْأَعْوَرِ، فَأَحْضَرَهُ وَقَرَّرَهُ، فَأَقَرَّ عَلَى بَنِي الْأَشْرَسِ، وَعَلَى أَحْمَدِ بْنِ نَصْرٍ، وَغَيْرِهِمَا؛ فَأَخَذَ بَعْضَ مَنْ سُمِّيَ، وَفِيهِمْ طَالِبٌ، وَأَبُو هَارُونَ، وَرَأَى فِي مَنْزِلِ بَنِي الْأَشْرَسِ عَلَمَيْنِ أَخْضَرَيْنِ، ثُمَّ أَخَذَ خَادِمًا لِأَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، فَقَرَّرَهُ، فَأَقَرَّ بِمِثْلِ مَا قَالَ عِيسَى، فَأَرْسَلَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، فَأَخَذَهُ وَهُوَ فِي الْحَمَّامِ، وَحُمِلَ إِلَيْهِ، وَفَتَّشَ بَيْتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ فِيهِ سِلَاحًا، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْآلَاتِ، فَسَيَّرَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْوَاثِقِ مُقَيَّدِينَ عَلَى أَكُفِّ بِغَالٍ لَيْسَ تَحْتَهُمْ وِطَاءٌ إِلَى سَامَرَّا.
فَلَمَّا عَلِمَ الْوَاثِقُ بِوُصُولِهِمْ جَلَسَ لَهُمْ مَجْلِسًا عَامًّا فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادَ، وَكَانَ كَارِهًا لِقَتْلِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، فَلَمَّا حَضَرَ أَحْمَدُ عِنْدَ الْوَاثِقِ، لَمْ يَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا مِنْ فِعْلِهِ وَالْخُرُوجِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ لَهُ: مَا تَقَولُ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كَلَامُ اللَّهِ، وَكَانَ أَحْمَدُ قَدِ اسْتَقْتَلَ، فَتَطَيَّبَ، وَتَنَوَّرَ، وَقَالَ الْوَاثِقُ: أَمَخْلُوقٌ هُوَ؟ قَالَ: كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ: فَمَا تَقَولُ فِي رَبِّكَ أَتَرَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَدْ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ، قَالَ: لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ» ، فَنَحْنُ عَلَى الْخَبَرِ، وَحَدَّثَنِي سُفْيَانُ بِحَدِيثٍ رَفَعَهُ: «أَنَّ قَلْبَ ابْنِ آدَمَ (الْمُؤْمِنِ) بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَانِ، يُقَلِّبُهُ» .
وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَدْعُو: " «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكِ» ". قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: انْظُرْ مَا يَقُولُ. قَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ، فَخَافَ إِسْحَاقُ،