ذِكْرُ خِلَافَةِ الْوَاثِقِ بِاللَّهِ
وَفِيهَا بُويِعَ الْوَاثِقُ بِاللَّهِ بْنُ الْمُعْتَصِمِ بْنِ هَارُونَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُوهُ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِثَمَانِيَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ، وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ رُومِيَّةٌ، تُسَمَّى قَرَاطِيسَ.
وَفِيهَا هَلَكَ تَوْفِيلُ مَلِكُ الرُّومِ، وَكَانَ مُلْكُهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَلَكَتْ بَعْدَهُ امْرَأَتُهُ تُدُورَةُ، وَابْنُهَا مِيخَائِيلُ بْنُ تَوْفِيلَ صَبِيٌّ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ جَعْفَرُ بْنُ الْمُعْتَصِمِ، وَحَجَّتْ مَعَهُ أَمُّ الْوَاثِقِ، فَمَاتَتْ بِالْحِيرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ، وَدُفِنَتْ بِالْكُوفَةِ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِدِمَشْقَ
لَمَّا مَاتَ الْمُعْتَصِمُ ثَارَتِ الْقَيْسِيَّةُ بِدِمَشْقَ، وَعَاثُوا، وَأَفْسَدُوا، وَحَصَرُوا أَمِيرَهُمْ، فَبَعَثَ الْوَاثِقُ إِلَيْهِمْ رَجَاءَ بْنَ أَيُّوبَ الْحَضَارِيَّ، وَكَانُوا مُعَسْكِرِينَ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، فَنَزَلَ رَجَاءُ بِدَيْرِ مِرَّانَ، وَدَعَاهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَلَمْ يَرْجِعُوا، فَوَاعَدَهُمُ الْحَرْبَ بِدَوْمَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ.
فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ، وَقَدْ تَفَرَّقَتْ، سَارَ رَجَاءُ إِلَيْهِمْ، فَوَافَاهُمْ وَقَدْ سَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى دَوْمَةَ، وَبَعْضُهُمْ فِي حَوَائِجِهِ، فَقَاتَلَهُمْ، فَهَزَمَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ نَحْوَ أَلْفٍ وَخَمْسمِائَةٍ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ نَحْوَ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَهَرَبَ مُقَدَّمَهُمُ ابْنُ بَيْهَسٍ، وَصَلُحَ أَمْرُ دِمَشْقَ.
وَسَارَ رَجَاءُ إِلَى فِلَسْطِينَ إِلَى قِتَالِ أَبِي حَرْبٍ الْمُبَرْقَعِ الْخَارِجِ بِهَا، فَقَاتَلَهُ، فَانْهَزَمَ