لِأَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بِالدِّينَوَرِ يُجَهِّزُ الْعَسَاكِرَ إِلَى بَابَكَ، وَأَوْقَعَ الْخَوَارِجُ بِخُرَاسَانَ بِأَهْلِ قَرْيَةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ نَيْسَابُورَ، فَأَكْثَرُوا فِيهِمُ الْقَتْلَ، وَاتَّصَلَ ذَلِكَ بِالْمَأْمُونِ، فَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ طَاهِرٍ بِالْمَسِيرِ إِلَى خُرَاسَانَ، فَسَارَ إِلَيْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ نَيْسَابُورَ كَانَ أَهْلُهَا قَدْ قَحَطُوا فَمُطِرُوا قَبْلَ وُصُولِهِ إِلَيْهَا بِيَوْمٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا دَخَلَهَا قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ بَزَّازٌ فَقَالَ:
قَدْ قُحِطَ النَّاسُ فِي زَمَانِهِمْ ... حَتَّى إِذَا جِئْتَ جِئْتَ بِالدُّرَرِ
غَيْثَانِ فِي سَاعَةٍ لَنَا قَدِمًا ... فَمَرْحَبًا بِالْأَمِيرِ وَالْمَطَرِ
فَأَحْضَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ لَهُ: أَشَاعِرٌ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهَا بِالرَّقَّةِ فَحَفِظْتُهَا. فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يُشْتَرَى لَهُ شَيْءٌ مِنَ الثِّيَابِ إِلَّا بِأَمْرِهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ بِلَالٌ (الْغَسَّانِيُّ الشَّارِيُّ) ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ ابْنَهُ الْعَبَّاسَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْقُوَّادِ، فَقُتِلَ بِلَالٌ.
وَفِيهَا قُتِلَ أَبُو الرَّازِيِّ بِالْيَمَنِ.
وَفِيهَا تَحَرَّكَ جَعْفَرُ بْنُ دَاوُدَ الْقُمِّيُّ، فَظَفِرَ بِهِ عَزِيزٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، وَكَانَ هَرَبَ مِنْ مِصْرَ فَرُدَّ إِلَيْهَا.
وَفِيهَا وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ هِشَامٍ الْجَبَلَ، وَقُمَّ، وَأَصْبَهَانَ، وَأَذْرَبِيجَانَ.
(وَفِيهَا تُوُفِّيَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْمَغْرِبِ، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ بِأَمْرِ مَدِينَةِ فَاسَ، فَوَلَّى أَخَاهُ الْقَاسِمَ الْبَصْرَةَ وَطَنْجَةَ وَمَا يَلِيهِمَا، وَاسْتَعْمَلَ بَاقِي إِخْوَتِهِ عَلَى مُدُنِ الْبَرْبَرَةِ.
وَفِيهَا سَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيُّ صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ إِلَى مَدِينَةِ بَاجَةَ، وَكَانَتْ عَاصِيَةً عَلَيْهِ مِنْ حِينِ فِتْنَةِ مَنْصُورٍ إِلَى الْآنِ، فَمَلَكَهَا عَنْوَةً.