وَأَهْلِهَا، وَهِيَ الْوَقْعَةُ [الْمَعْرُوفَةُ] بِوَقْعَةِ بَالِسَ (!) .
وَكَانَ سَبَبَهَا أَنَّ الْحَكَمَ كَانَ قَدْ بَلَغَهُ عَنْ عَامِلٍ اسْمُهُ رَبِيعٌ أَنَّهُ ظَلَمَ الْأَبْنَاءَ أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ وَصَلَبَهُ، قَبْلَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَوَلِيَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعَ النَّاسُ بِصَلْبِ الرَّبِيعِ، فَأَقْبَلُوا إِلَى قُرْطُبَةَ مِنَ النَّوَاحِي يَطْلُبُونَ الْأَمْوَالَ الَّتِي كَانَ ظَلَمَهُمْ بِهَا، ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا تُرَدُّ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ أَهْلُ إِلْبِيرَةَ أَكْثَرَهُمْ طَلَبًا وَإِلْحَاحًا فِيهِ، وَتَأَلَّبُوا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَنْ يُفَرِّقُهُمْ وَيُسْكِتُهُمْ، فَلَمْ يَقْبَلُوا، وَدَفَعُوا مَنْ أَتَاهُمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ جَمْعٌ مِنَ الْجُنْدِ وَأَصْحَابُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَانْهَزَمَ جُنْدُ إِلْبِيرَةَ وَمَنْ مَعَهُمْ، وَقُتِلُوا قَتْلًا ذَرِيعًا، وَنَجَا الْبَاقُونَ مُنْهَزِمِينَ، ثُمَّ طُلِبُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلُوا كَثِيرًا مِنْهُمْ.
وَفِيهَا ثَارَتْ بِمَدِينَةِ تُدْمِيرَ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْمُضَرِيَّةِ وَالْيَمَانِيَّةِ، فَاقْتَتَلُوا بِلُورَقَةَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَقْعَةٌ تُعْرَفُ بِيَوْمِ الْمَضَارَّةِ، قُتِلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ، وَدَامَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ سَبْعَ سِنِينَ، فَوَكَّلَ بِكَفِّهِمْ وَمَنْعِهِمْ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، وَسَيَّرَهُ فِي جَمِيعِ الْجَيْشِ، فَكَانُوا إِذَا أَحَسُّوا بِقُرْبِ يَحْيَى تَفَرَّقُوا وَتَرَكُوا الْقِتَالَ، وَإِذَا عَادَ عَنْهُمْ رَجَعُوا إِلَى الْفِتْنَةِ وَالْقِتَالِ حَتَّى عَيِيَ أَمْرَهُمْ.
وَفِيهَا كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ ذَهَبَ فِيهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَبَلَغَ الْمُدُّ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا.
(تُدْمِيرُ بِالتَّاءِ فَوْقَهَا نُقْطَتَانِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ ثُمَّ رَاءٌ) .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا غَلَا السِّعْرُ بِالْعِرَاقِ، حَتَّى بَلَغَ الْقَفِيزُ مِنَ الْحِنْطَةِ بِالْهَارُونِيِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا إِلَى الْخَمْسِينَ.