يَتَمَكَّنْ مِنْ قِتَالِهِمْ، وَوَاقَفَهُمْ إِلَى الْعَصْرِ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ عَادَ عَنْهُمْ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ وَتَرَكُوا التَّعْبِئَةَ.

فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ حَمْلَةً صَادِقَةً، فَانْهَزَمَ الرُّومُ وَطُعِنَ الْبَطْرِيقُ، وَجُرِحَ عِدَّةُ جِرَاحَاتٍ، وَسَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَأَتَاهُ حُمَاةُ أَصْحَابِهِ، وَاسْتَنْقَذُوهُ جَرِيحًا، وَحَمَلُوهُ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مَا مَعَهُمْ مِنْ سِلَاحٍ وَمَتَاعٍ وَدَوَابَّ، فَكَانَتْ وَقْعَةً عَظِيمَةً.

وَسَيَّرَ زِيَادَةُ اللَّهِ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى صِقِلِّيَّةَ أَبَا الْأَغْلَبِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَمِيرًا عَلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهَا، فَوَصَلَ إِلَيْهَا مُنْتَصَفَ رَمَضَانَ، فَبَعَثَ أُسْطُولًا، فَلَقُوا جَمْعًا لِلرُّومِ فِي أُسْطُولٍ، فَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ [مَا فِيهِ] ، فَضَرَبَ أَبُو الْأَغْلَبِ رِقَابَ كُلِّ مَنْ فِيهِ.

وَبَعَثَ أُسْطُولًا آخَرَ إِلَى قُوصَرَةَ، فَظَفِرَ بِحَرَّاقَةٍ فِيهَا رِجَالٌ مِنَ الرُّومِ، وَرَجُلٌ مُتَنَصِّرٌ مِنْ أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ، فَأَتَى بِهِمْ فَضَرَبَ رِقَابَهُمْ.

وَسَارَتْ سَرِيَّةٌ أُخْرَى إِلَى جَبَلِ النَّارِ وَالْحُصُونِ الَّتِي فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ، فَأَحْرَقُوا الزَّرْعَ، وَغَنِمُوا (وَأَكْثَرُوا الْقَتْلَ.

ثُمَّ سَيَّرَ أَبُو الْأَغْلَبِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ سَرِيَّةً إِلَى جَبَلِ النَّارِ أَيْضًا، فَغَنِمُوا غَنَائِمَ عَظِيمَةً، حَتَّى بِيعَ الرَّقِيقُ بِأَبْخَسِ الْأَثْمَانِ، وَعَادُوا سَالِمِينَ.

وَفِيهَا سَيَّرَ أَبُو الْأَغْلَبِ أَيْضًا سِرِّيَّةً إِلَى قُسْطَلْيَاسَةَ، فَغَنِمُوا وَسَبَوْا، وَلَقِيَهُمُ الْعَدُوُّ، فَكَانَتْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ اسْتَظْهَرَ فِيهَا الرُّومُ.

وَسَيَّرَ سَرِيَّةً إِلَى مَدِينَةِ قَصْرِيَانَّةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمُ الْعَدُوُّ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَأُصِيبَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ.

ثُمَّ كَانَتْ وَقْعَةٌ أُخْرَى بَيْنَ الرُّومِ وَالْمُسْلِمِينَ، فَانْهَزَمَ الرُّومُ، وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ تِسْعَةَ مَرَاكِبَ كِبَارٍ بِرِجَالِهَا وَشَلَنْدَسَ. فَلَمَّا جَاءَ الشِّتَاءُ وَأَظْلَمَ اللَّيْلُ رَأَى رَجُلٌ مِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015