201 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ
ذِكْرُ وِلَايَةِ مَنْصُورِ بْنِ الْمَهْدِيِّ بِبَغْدَاذَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرَادَ أَهْلُ بَغْدَاذَ أَنْ يُبَايِعُوا الْمَنْصُورَ بْنَ الْمَهْدِيِّ بِالْخِلَافَةِ، فَامْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَرَادُوهُ عَلَى الْإِمْرَةِ عَلَيْهِمْ، عَلَى أَنْ يَدْعُوَ لِلْمَأْمُونِ (بِالْخِلَافَةِ) ، فَأَجَابَهُمْ إِلَيْهِ.
وَكَانَ سَبَبَ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ مِنْ إِخْرَاجِ أَهْلِ بَغْدَاذَ عَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ مِنْ بَغْدَاذَ. فَلَمَّا اتَّصَلَ إِخْرَاجُهُ مِنْ بَغْدَاذَ بِالْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ سَارَ مِنَ الْمَدَائِنِ إِلَى وَاسِطٍ، وَذَلِكَ أَوَّلَ سَنَةِ إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ، فَلَمَّا هَرَبَ إِلَى وَاسِطٍ تَبِعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي خَالِدِ بْنِ الْهِنْدَوَانِ، مُخَالِفًا لَهُ، وَقَدْ تَوَلَّى الْقِيَامَ بِأَمْرِ النَّاسِ، وَوَلَّى سَعِيدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ الْجَانِبَ الْغَرْبِيَّ، وَنَصْرَ بْنَ حَمْزَةَ بْنِ مَالِكٍ الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ.
وَكَانَ بِبَغْدَاذَ مَنْصُورُ بْنُ الْمَهْدِيِّ، وَالْفَضْلُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَخُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ.
وَقَدِمَ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ مِنَ الرَّقَّةِ مِنْ عِنْدِ طَاهِرٍ، فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَوَافَقَ أَبَاهُ عَلَى قِتَالِ الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ، فَمَضَيَا وَمَنْ مَعَهُمَا إِلَى قَرْيَةِ (أَبِي فَرْسَنَ قُرَيْبَ وَاسِطٍ، وَلَقِيَهُمَا فِي طَرِيقِهِمَا عَسَاكِرُ الْحَسَنِ، فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، فَهَزَمَاهُمْ.
وَلَمَّا انْتَهَى مُحَمَّدٌ إِلَى دَيْرِ الْعَاقُولِ أَقَامَ بِهِ ثَلَاثًا، وَزُهَيْرُ بْنُ الْمُسَيَّبِ مُقِيمٌ بِإِسْكَافِ بَنِي الْجُنَيْدِ، عَامِلًا لِلْحَسَنِ عَلَى جُوخَى، وَهُوَ يُكَاتِبُ قُوَّادَ بَغْدَاذَ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ، وَأَخَذَهُ أَسِيرًا، وَأَخَذَ كُلَّ مَالِهِ، وَسَيَّرَهُ أَسِيرًا إِلَى بَغْدَاذَ، وَحَبَسَهُ عِنْدَ أَبِيهِ جَعْفَرٍ.
ثُمَّ تَقَدَّمَ مُحَمَّدٌ إِلَى وَاسِطٍ، وَوَجَّهَ مُحَمَّدٌ ابْنَهُ هَارُونَ مِنْ دَيْرِ الْعَاقُولِ إِلَى النِّيلِ، وَبِهَا نَائِبٌ لِلْحَسَنِ، فَهَزَمَهُ هَارُونُ، وَتَبِعَهُ إِلَى الْكُوفَةِ.