وَحَصَرَهَا، وَوَجَّهَ الْعَبَّاسَ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَحَصَرَ حِصْنَ سِنَانٍ، حَتَّى جَهِدَ أَهْلُهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرُّومُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ أَسِيرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ يَرْحَلَ عَنْهُمْ، فَأَجَابَهُمْ وَرَحَلَ عَنْهُمْ صُلْحًا.
وَمَاتَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ بِأَرْضِ الرُّومِ.
وَكَانَ يَمْلِكُ الرُّومَ حِينَئِذٍ امْرَأَةٌ اسْمُهَا رِينِي، فَخَلَعَتْهَا الرُّومُ وَمَلَّكَتْ نِقْفُورَ، وَتَزْعُمُ الرُّومُ أَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ جَفْنَةَ بْنِ غَسَّانَ، وَكَانَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ يَلِي دِيوَانَ الْخَرَاجِ، وَمَاتَتْ رِينِي بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ مِنْ خَلْعِهَا.
فَلَمَّا اسْتَوْثَقَتِ الرُّومُ لِنِقْفُورَ كَتَبَ إِلَى الرَّشِيدِ: مِنْ نِقْفُورَ مَلِكِ الرُّومِ إِلَى هَارُونَ مَلِكِ الْعَرَبِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْمَلِكَةَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلِي أَقَامَتْكَ مَقَامَ الرُّخِّ، وَأَقَامَتْ نَفْسَهَا مَقَامَ الْبَيْدَقِ، فَحَمَلَتْ إِلَيْكَ مِنْ أَمْوَالِهَا مَا كُنْتَ حَقِيقًا بِحَمْلِ أَضْعَافِهَا إِلَيْهَا، لَكِنَّ ذَلِكَ ضَعْفُ النِّسَاءِ وَحُمْقُهُنَّ، فَإِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي هَذَا فَارْدُدْ مَا حَصَلَ لَكَ مِنْ أَمْوَالِهَا، وَافْتَدِ نَفْسَكَ بِمَا تَقَعُ بِهِ الْمُصَادَرَةُ لَكَ، وَإِلَّا فَالسَّيْفُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ.