سِنَانِ بْنِ أَبِي حَارِثَةَ بْنِ مُرَّةَ بْنِ نُشْبَةَ بْنِ غَيْظِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ذُبْيَانَ بْنِ بَغِيضِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ الْمُرِّيُّ، أَحَدُ فُرْسَانِ الْعَرَبِ الْمَشْهُورِينَ.
وَكَانَ سَبَبُ الْفِتْنَةِ أَنَّ عَامِلًا لِلرَّشِيدِ بِسِجِسْتَانَ قَتَلَ أَخًا لِأَبِي الْهَيْذَامِ، فَخَرَجَ أَبُو الْهَيْذَامِ بِالشَّامِ، وَجَمَعَ جَمْعًا عَظِيمًا، وَقَالَ يَرْثِي أَخَاهُ:
سَأَبْكِيكَ بِالْبِيضِ الرِّقَاقِ وَبِالْقَنَا ... فَإِنَّ بِهَا مَا يُدْرِكُ الطَّالِبُ الْوِتَرَا
وَلَسْنَا كَمَنْ يَنْعَى أَخَاهُ بِغَيْرِهِ ... يُعَصِّرُهَا مِنْ مَاءِ مُقْلَتِهِ عَصْرَا
وَإِنَّا أُنَاسٌ مَا تَفِيضُ دُمُوعُنَا ... عَلَى هَالِكٍ مِنَّا وَإِنْ قَصَمَ الظَّهْرَا
وَلَكِنَّنِي أَشْفِي الْفُؤَادَ بِغَارَةٍ ... أُلَهِّبُ فِي قَطَرَيْ كَتَائِبِهَا جَمْرَا
وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِغَيْرِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَهُ.
ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ احْتَالَ عَلَيْهِ بِأَخٍ لَهُ كَتَبَ إِلَيْهِ فَأَرْغَبَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ فَكَتَفَهُ، وَأَتَى بِهِ الرَّشِيدَ، فَمَنَّ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُ.
وَقِيلَ: كَانَ أَوَّلُ مَا هَاجَتِ الْفِتْنَةُ فِي الشَّامِ أَنْ رُجَلًا مِنْ [بَنِي] الْقَيْنِ خَرَجَ بِطَعَامٍ لَهُ يَطْحَنُهُ فِي الرَّحَا بِالْبَلْقَاءِ، فَمَرَّ بِحَائِطِ رَجُلٍ مِنْ لَخْمٍ أَوْ جُذَامٍ، وَفِيهِ بِطِّيخٌ وَقِثَّاءٌ، فَتَنَاوَلَ مِنْهُ، فَشَتَمَهُ صَاحِبُهُ، وَتَضَارَبَا، وَسَارَ الْقَيْنِيُّ، فَجَمَعَ صَاحِبُ الْبِطِّيخِ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لِيَضْرِبُوهُ إِذَا عَادَ، فَلَمَّا عَادَ ضَرَبُوهُ وَأَعَانَهُ قَوْمٌ آخَرُونَ، فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْيَمَانِيَّةِ، وَطَلَبُوا بِدَمِهِ، فَاجْتَمَعُوا لِذَلِكَ.
وَكَانَ عَلَى دِمَشْقَ حِينَئِذٍ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ، فَلَمَّا خَافَ النَّاسُ أَنْ يَتَفَاقَمَ ذَلِكَ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْفَضْلِ وَالرُّؤَسَاءِ لِيُصْلِحُوا بَيْنَهُمْ، فَأَتَوْا بَنِي الْقَيْنِ فَكَلَّمُوهُمْ، فَأَجَابُوهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا، فَأَتَوُا الْيَمَانِيَّةَ فَكَلَّمُوهُمْ، فَقَالُوا: انْصَرِفُوا عَنَّا حَتَّى نَنْظُرَ، ثُمَّ سَارُوا، فَبَيَّتُوا [بَنِي]