وَبِهَا سُلَيْمَانُ، فَحَارَبَهُ، وَخَرَّبُوا أَعْمَالَ تُدْمِيرَ، وَدَوَّخُوا أَهْلَهَا وَمَنْ بِهَا، وَبَلَغُوا الْبَحْرَ، فَخَرَجَ سُلَيْمَانُ مِنْ تُدْمِيرَ هَارِبًا، فَلَجَأَ إِلَى الْبَرَابِرِ بِنَاحِيَةِ بَلَنْسِيَةَ، فَاعْتَصَمَ بِتِلْكَ النَّاحِيَةِ الْوَعْرَةِ الْمَسْلَكِ، فَعَادَ مُعَاوِيَةُ إِلَى قُرْطُبَةَ.
ثُمَّ إِنَّ الْحَالَ اسْتَقَرَّ بَيْنَ هِشَامٍ وَسُلَيْمَانَ أَنْ يَأْخُذَ سُلَيْمَانُ أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ وَأَمْوَالَهُ وَيُفَارِقَ الْأَنْدَلُسَ، وَأَعْطَاهُ هِشَامٌ سِتِّينَ أَلْفَ دِينَارٍ مُصَالَحَةً عَنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَسَارَ إِلَى بَلَدِ الْبَرَابِرِ فَأَقَامَ بِهِ.
ذِكْرُ خُرُوجِ جَمَاعَةٍ عَلَى هِشَامٍ أَيْضًا
وَفِيهَا خَرَجَ بِالْأَنْدَلُسِ أَيْضًا سَعِيدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ بِشَاغَنْتَ، مِنْ أَقَالِيمِ طَرْطُوشَةَ، فِي شَرْقِ الْأَنْدَلُسِ، وَكَانَ قَدِ الْتَجَأَ إِلَيْهَا حِينَ قُتِلَ أَبُوهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَدَعَا إِلَى الْيَمَانِيَّةِ، وَتَعَصَّبَ لَهُمْ، فَاجْتَمَعَ لَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَمَلَكَ مَدِينَةَ طَرْطُوشَةَ، وَأَخْرَجَ عَامِلَهُ يُوسُفَ الْقَيْسِيَّ، فَعَارَضَهُ مُوسَى بْنُ فَرْتُونَ، وَقَامَ بِدَعْوَةِ هِشَامٍ، وَوَافَقَتْهُ مُضَرُ، (فَاقْتَتَلَا، فَانْهَزَمَ سَعِيدٌ وَقُتِلَ وَسَارَ مُوسَى إِلَى سَرَقُسْطَةَ فَمَلَكَهَا، فَخَرَجَ عَلَيْهِ مَوْلًى لِلْحُسَيْنِ بْنِ يَحْيَى اسْمُهُ جَحْدَرُ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ فَقَاتَلَهُ وَقُتِلَ مُوسَى) .
وَخَرَجَ أَيْضًا مَطْرُوحُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَقْظَانَ بِمَدِينَةِ بَرْشَلُونَةَ، وَخَرَجَ مَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَمَلَكَ مَدِينَةَ سَرَقُسْطَةَ وَمَدِينَةَ وَشْقَةَ، وَتَغَلَّبَ عَلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَكَانَ هِشَامٌ مَشْغُولًا بِمُحَارَبَةِ أَخَوَيْهِ سُلَيْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ إِسْحَاقَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْمَوْصِلِ، وَاسْتَعْمَلَ سَعِيدَ بْنَ سَلْمٍ الْبَاهِلِيَّ، وَعَزَلَ الرَّشِيدُ يَزِيدَ بْنَ مَزْيَدِ بْنِ زَائِدَةَ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ، عَنْ أَرْمِينِيَّةَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا أَخَاهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْمَهْدِيِّ.