الْهَادِي، وَجَمَعَ الْأَمْوَالَ حَتَّى أَعْطَى الْجُنْدَ لِسَنَتَيْنِ فَسَكَتُوا.
وَكَتَبَ الْهَادِي إِلَى الرَّبِيعِ كِتَابًا يَتَهَدَّدُهُ بِالْقَتْلِ، وَكَتَبَ إِلَى يَحْيَى يَشْكُرُهُ، وَيَأْمُرُهُ بِأَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ الرَّشِيدِ.
وَكَانَ الرَّبِيعُ يَوَدُّ يَحْيَى وَيَثِقُ بِهِ. فَاسْتَشَارَهُ فِيمَا يَفْعَلُ خَوْفًا مِنَ الْهَادِي فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرْسِلَ وَلَدَهُ الْفَضْلَ إِلَى طَرِيقِ الْهَادِي بِالْهَدَايَا وَالتُّحَفِ، وَيَعْتَذِرَ، فَفَعَلَ، وَرَضِيَ الْهَادِي عَنْهُ.
وَكَانَ الرَّبِيعُ قَدْ أَوْصَى إِلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ. وَأُخِذَتِ الْبَيْعَةُ لِلْهَادِي بِبَغْدَاذَ وَكَتَبَ الرَّشِيدُ إِلَى الْآفَاقِ بِوَفَاةِ الْمَهْدِيِّ، وَأَخْذِ الْبَيْعَةِ لِلْهَادِي، وَسَارَ نُصَيْرٌ الْوَصِيفُ إِلَى الْهَادِي بِجُرْجَانَ، فَعَلِمَ بِوَفَاةِ الْمَهْدِيِّ وَالْبَيْعَةِ لَهُ، فَنَادَى بِالرَّحِيلِ وَرَكِبَ عَلَى الْبَرِيدِ مُجِدًّا، فَبَلَغَ فِي عِشْرِينَ يَوْمًا، وَلَمَّا قَدِمَهَا اسْتَوْزَرَ الرَّبِيعَ.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا هَلَكَ الرَّبِيعُ.
وَفِيهَا اشْتَدَّ طَلَبُ الْمَهْدِيِّ لِلزَّنَادِقَةِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةَ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينَ، وَقَتَلَ أَيْضًا يَعْقُوبَ بْنَ الْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَكَانَ سَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَأَقَرَّ بِالزَّنْدَقَةِ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا لَكُنْتَ حَقِيقًا أَنْ تَتَعَصَّبَ لِمُحَمَّدٍ، وَلَوْلَا مُحَمَّدٌ [مَنْ] كُنْتَ! أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنِّي جَعَلْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أَقْتُلَ هَاشِمِيًّا لَقَتَلْتُكَ.
ثُمَّ قَالَ لِلْهَادِي: أَقْسَمْتُ إِنْ وَلِيتَ هَذَا الْأَمْرَ لَتَقْتُلَنَّهُ! ثُمَّ حَبَسَهُ، فَلَمَّا مَاتَ الْمَهْدِيُّ قَتَلَهُ الْهَادِي، وَكَذَلِكَ أَيْضًا كَانَ عَهِدَ إِلَيْهِ بِقَتْلِ وَلَدٍ لِدَاوُدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ كَانَ زِنْدِيقًا، فَمَاتَ فِي الْحَبْسِ قَبْلَ الْمَهْدِيِّ.
وَلَمَّا قُتِلَ يَعْقُوبُ أُدْخِلَ أَوْلَادُهُ عَلَى الْهَادِي، فَأَقَرَّتِ ابْنَتُهُ فَاطِمَةُ أَنَّهَا حُبْلَى مِنْ أَبِيهَا،