[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ]

168 -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَمَضَانَ، نَقَضَ الرُّومُ الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى أَنْ نَقَضُوهُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ شَهْرًا، فَوَجَّهَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ عَلَى الْجَزِيرَةِ وَقِنَّسْرِينَ، يَزِيدَ بْنَ الْبَدْرِ بْنِ الْبَطَّالِ فِي خَيْلٍ فَغَنِمُوا وَظَفِرُوا.

ذِكْرُ الْخَوَارِجِ بِالْمَوْصِلِ

وَفِيهَا خَرَجَ بِأَرْضِ الْمَوْصِلِ خَارِجِيٌّ اسْمُهُ يَاسِينُ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ عَسْكَرُ الْمَوْصِلِ، فَهَزَمَهُمْ، وَغَلَبَ عَلَى أَكْثَرِ دِيَارِ رَبِيعَةَ وَالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ يَمِيلُ إِلَى مَقَالَةِ صَالِحِ بْنِ مُسَرَّحٍ الْخَارِجِيِّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْمَهْدِيُّ أَبَا هُرَيْرَةَ بْنَ فُرُّوخَ الْقَائِدَ، وَهَرْثَمَةَ بْنَ أَعْيَنَ مَوْلَى بَنِي ضَبَّةَ، فَحَارَبَاهُ، فَصَبَرَ لَهُمَا، حَتَّى قُتِلَ وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ.

ذِكْرُ مُخَالِفَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ بِالْأَنْدَلُسِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثَارَ أَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفِهْرِيُّ بِالْأَنْدَلُسِ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ: أَنَّهُ كَانَ فِي سِجْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِقُرْطُبَةَ مِنْ حِينِ هَرَبَ أَبُوهُ، وَقُتِلَ أَخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَحُبِسَ أَبُو الْأَسْوَدِ، وَتَعَامَى فِي الْحَبْسِ، فَصَارَ يُحَاكِي الْعُمْيَانَ، وَلَا يَطْرِفُ عَيْنَهُ لِشَيْءٍ، وَبَقِيَ دَهْرًا طَوِيلًا، حَتَّى صَحَّ عِنْدَ الْأَمِيرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأُمَوِيِّ ذَلِكَ.

وَكَانَ فِي أَقْصَى السِّجْنِ سِرْدَابٌ يُفْضِي إِلَى النَّهْرِ الْأَعْظَمِ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَسْجُونُونَ فَيَقْضُونَ حَوَائِجَهُمْ مِنْ غُسْلٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ الْمُوَكَّلُونَ يُهْمِلُونَ أَبَا الْأَسْوَدِ لِعَمَاهُ، فَإِذَا رَجَعَ مِنَ النَّهْرِ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ الْأَعْمَى عَلَى مَوْضِعِهِ؟

وَكَانَ مَوْلًى لَهُ يُحَادِثُهُ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، وَلَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ، فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ بِخَيْلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015