صَحِبْتُكَ، أَبَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يُشْرَبُ عِنْدَكَ النَّبِيذُ؟ فَضَيَّقَ عَلَى الْمَهْدِيِّ حَتَّى قِيلَ:
فَدَعْ عَنْكَ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ جَانِبًا وَأَقْبِلْ عَلَى صَهْبَاءَ طَيِّبَةِ النَّشْرِ
وَقَالَ يَعْقُوبُ يَوْمًا لِلْمَهْدِيِّ فِي أَمْرٍ أَرَادَهُ: هَذَا وَاللَّهِ السَّرَفُ! فَقَالَ الْمَهْدِيُّ: وَيْحَكَ يَا يَعْقُوبُ، إِنَّمَا يَحْسُنُ السَّرَفُ بِأَهْلِ الشَّرَفِ. وَلَوْلَا السَّرَفُ لَمْ يُعْرَفِ الْمُكْثِرُونَ مِنَ الْمُقِلِّينَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْمَهْدِيُّ إِلَى جُرْجَانَ، وَجَعَلَ عَلَى قَضَائِهِ أَبَا يُوسُفَ [يَعْقُوبَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ] .
وَفِيهَا أَمَرَ الْمَهْدِيُّ بِإِقَامَةِ الْبَرِيدِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ، بِبِغَالٍ وَإِبِلٍ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ بَرِيدٌ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَفِيهَا اضْطَرَبَتْ خُرَاسَانُ عَلَى الْمُسَيَّبِ بْنِ زُهَيْرٍ، فَوَلَّاهَا الْفَضْلَ بْنَ سُلَيْمَانَ الطُّوسِيَّ أَبَا الْعَبَّاسِ. وَأَضَافَ إِلَيْهِ سِجِسْتَانَ، فَاسْتَخْلَفَ عَلَى سِجِسْتَانَ تَمِيمَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ دَعْلَجٍ.
وَفِيهَا أَخَذَ الْمَهْدِيُّ دَاوُدَ بْنَ رَوْحِ بْنِ حَاتِمٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنَ مُجَالِدٍ، وَمُحَمَّدَ بْنَ أَبِي أَيُّوبَ الْمَكِّيَّ، وَمُحَمَّدَ بْنَ طَيْفُورَ فِي الزَّنْدَقَةِ، فَاسْتَتَابَهُمْ وَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، وَبَعَثَ دَاوُدَ إِلَى أَبِيهِ، وَهُوَ عَلَى الْبَصْرَةِ، وَأَمَرَهُ بِتَأْدِيبِهِ.
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَلَى مَكَّةَ وَالطَّائِفِ: عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ قُثَمَ.