وَالْإِنْفَاقِ، وَأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ - إِنْ سَافَرَ عَنْهُمْ فَأَفْرَغَهُمْ - وُثُوبَهُمْ وَأَنَّهُ لَا يُكْفَى شَرَّهُمْ بِبَوَارِهِمْ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ فَهِمْتُ كِتَابَكَ فِي رِجَالِ فَارِسَ، فَأَمَّا قَتْلُهُمْ فَهُوَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْبَغْيِ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ عَاقِبَتُهُ، وَلَوْ قَتَلْتَهُمْ لَأَنَبْتَ أَهْلَ الْبَلَدِ أَمْثَالَهُمْ وَصَارَ جَمِيعُ أَهْلِ الْبَلَدِ أَعْدَاءَكَ بِالطَّبْعِ وَأَعْدَاءَ عَقِبِكَ لِأَنَّكَ تَكُونُ قَدْ وَتَرْتَهُمْ بِغَيْرِ حَرْبٍ، وَأَمَّا إِخْرَاجُكَ إِيَّاهُمْ مِنْ عَسْكَرِكَ فَمُخَاطَرَةٌ بِنَفْسِكَ وَأَصْحَابِكَ، وَلَكِنِّي أُشِيرُ عَلَيْكَ بِرَأْيٍ هُوَ أَبْلَغُ مِنَ الْقَتْلِ، وَهُوَ أَنْ تَسْتَدْعِيَ مِنْهُمْ أَوْلَادَ الْمُلُوكِ وَمَنْ يَصْلُحُ لِلْمُلْكِ فَتُقَلِّدَهُمُ الْبُلْدَانَ وَتَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَلِكًا بِرَأْسِهِ فَتَتَفَرَّقَ كَلِمَتُهُمْ وَيَقَعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ وَيَجْتَمِعُونَ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْمَحَبَّةِ لَكَ وَيَرَوْنَ أَنْفُسَهُمْ صَنِيعَتَكَ. فَفَعَلَ الْإِسْكَنْدَرُ ذَلِكَ، فَهُمْ مُلُوكُ الطَّوَائِفِ، وَقِيلَ فِي مُلُوكِ الطَّوَائِفِ غَيْرُ هَذَا السَّبَبِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.