أَلَا إِنَّ عَيْنًا لَمْ تَجُدْ يَوْمَ وَاسِطٍ عَلَيْكَ بِجَارِي دَمْعِهَا لَجَمُودُ عَشِيَّةَ قَامَ النَّائِحَاتُ وَصَفَّقَتْ أَكُفٌّ بِأَيْدِي مَأْتَمٍ وَخُدُودُ فَإِنْ تُمْسِ مَهْجُورَ الْفِنَاءِ فَرُبَّمَا أَقَامَ بِهِ بَعْدَ الْوُفُودِ وُفُودُ فَإِنَّكَ لَمْ تَبْعُدْ عَلَى مُتَعَهِّدٍ بَلَى كُلُّ مَنْ تَحْتَ التُّرَابِ بَعِيدُ.
ذِكْرُ قَتْلِ عُمَّالِ أَبِي سَلَمَةَ بِفَارِسَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ عَلَى فَارِسَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتُلَ عُمَّالَ أَبِي سَلَمَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَوَجَّهَ السَّفَّاحُ عَمَّهُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ إِلَى فَارِسَ، وَعَلَيْهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ.
فَأَرَادَ مُحَمَّدٌ قَتْلَ عِيسَى، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ هَذَا لَا يَسُوغُ لَكَ. فَقَالَ: بَلَى أَمَرَنِي أَبُو مُسْلِمٍ أَنْ لَا يَقْدَمَ أَحَدٌ عَلَيَّ يَدَّعِي الْوِلَايَةَ مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، ثُمَّ تَرَكَ عِيسَى خَوْفًا مِنْ عَاقِبَةِ قَتْلِهِ، وَاسْتَحْلَفَ عِيسَى بِالْأَيْمَانِ الْمُحَرِّجَةِ أَنْ لَا يَعْلُوَ مِنْبَرًا، وَلَا يَتَقَلَّدَ سَيْفًا إِلَّا فِي جِهَادٍ، فَلَمْ يَلِ عِيسَى بَعْدَ ذَلِكَ وِلَايَةً، وَلَا تَقَلَّدَ سَيْفًا إِلَّا فِي غَزْوٍ، ثُمَّ وَجَّهَ السَّفَّاحُ بَعْدَ ذَلِكَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَلِيٍّ وَالِيًا عَلَى فَارِسَ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلَ وَمَا قِيلَ فِيهَا
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اسْتَعْمَلَ السَّفَّاحُ أَخَاهُ يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْمَوْصِلِ عِوَضَ مُحَمَّدِ بْنِ صُولٍ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَوْصِلِ امْتَنَعُوا مِنْ طَاعَةِ مُحَمَّدِ بْنِ صُولٍ، وَقَالُوا: يَلِي عَلَيْنَا مَوْلَى الْخَثْعَمِ، وَأَخْرَجُوهُ عَنْهُمْ. فَكَتَبَ إِلَى السَّفَّاحِ بِذَلِكَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ أَخَاهُ يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ وَسَيَّرَهُ إِلَيْهَا فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ.
فَنَزَلَ قَصْرَ الْإِمَارَةِ مُجَانِبَ مَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَمْ يُظْهِرْ لِأَهْلِ الْمَوْصِلِ شَيْئًا يُنْكِرُونَهُ، وَلَمْ يَعْتَرِضْهُمْ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ، ثُمَّ