الْبَجَلِيُّ جِئْنَا لِنَدْخُلَ فِي طَاعَةِ الْأَمِيرِ، فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَتْ خَيْلٌ أَعْظَمُ مِنْ تِلْكَ فِيهَا جَهْمُ بْنُ الْأَصْفَحِ الْكِنَانِيُّ، ثُمَّ جَاءَتْ خَيْلٌ أَعْظَمُ مِنْهَا مَعَ رَجُلٍ مِنْ آلِ بَحْدَلٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ حَوْثَرَةُ مِنْ صُنْعِ أَصْحَابِهِ ارْتَحَلَ نَحْوَ وَاسِطَ.
وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ مِنْ لَيْلَتِهِ إِلَى قَحْطَبَةَ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهَلَاكِهِ، يُعْلِمُ أَنَّهُ قَدْ ظَفِرَ بِالْكُوفَةِ.
فَقَدِمَ الْقَاصِدُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ قَحْطَبَةَ، فَلَمَّا دَفَعَ إِلَيْهِ كِتَابَ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ ثُمَّ ارْتَحَلَ نَحْوَ الْكُوفَةِ، فَأَقَامَ مُحَمَّدٌ بِالْكُوفَةِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ وَيَوْمَ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ وَصَبَّحَهُ الْحَسَنُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ.
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ قَحْطَبَةَ أَقْبَلَ نَحْوَ الْكُوفَةِ بَعْدَ هَزِيمَةِ ابْنِ هُبَيْرَةَ وَعَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَشِيرٍ الْعِجْلِيُّ فَهَرَبَ عَنْهَا، فَسَوَّدَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ وَخَرَجَ فِي أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وَبَايَعَ النَّاسُ، وَدَخَلَهَا الْحَسَنُ مِنَ الْغَدِ، فَلَمَّا دَخَلَهَا الْحَسَنُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ أَتَوْا أَبَا سَلَمَةَ، وَهُوَ فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَاسْتَخْرَجُوهُ، فَعَسْكَرَ بِالنُّخَيْلَةِ يَوْمَيْنِ ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى حَمَّامِ أَعْيَنَ، وَوَجَّهَ الْحَسَنَ بْنَ قَحْطَبَةَ إِلَى وَاسِطَ لِقِتَالِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَبَايَعَ النَّاسُ أَبَا سَلَمَةَ حَفْصَ بْنَ سُلَيْمَانَ مَوْلَى السُّبَيْعِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ وَزِيرُ آلِ مُحَمَّدٍ، وَاسْتَعْمَلَ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ الْأَمِيرُ، حَتَّى ظَهَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ.
وَوَجَّهَ حُمَيْدَ بْنَ قَحْطَبَةَ إِلَى الْمَدَائِنِ فِي قُوَّادٍ، وَبَعَثَ الْمُسَيَّبَ بْنَ زُهَيْرٍ وَخَالِدَ بْنَ بَرْمَكَ إِلَى دَيْرِ قُنَّى، وَبَعَثَ الْمُهَلَّبِيَّ وَشَرَاحِيلَ إِلَى عَيْنِ التَّمْرِ، وَبَسَّامَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَسَّامٍ إِلَى الْأَهْوَازِ، وَبِهَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ. فَلَمَّا أَتَى بَسَّامٌ الْأَهْوَازَ خَرَجَ عَنْهَا عَبْدُ الْوَاحِدِ إِلَى الْبَصْرَةِ بَعْدَ أَنْ قَاتَلَهُ وَهَزَمَهُ بَسَّامٌ، وَبَعَثَ إِلَى الْبَصْرَةِ سُفْيَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ عَامِلًا عَلَيْهَا، فَقَدِمَهَا وَكَانَ عَلَيْهَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْبَاهِلِيُّ عَامِلًا لِابْنِ هُبَيْرَةَ، وَقَدْ لَحِقَ بِهِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ هُبَيْرَةَ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
فَأَرْسَلَ سُفْيَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِلَى سَلْمٍ يَأْمُرُهُ بِالتَّحَوُّلِ مِنْ دَارِ الْإِمَارَةِ، وَيُعْلِمُهُ مَا أَتَاهُ مِنْ رَأْيِ أَبِي سَلَمَةَ، وَامْتَنَعَ وَجَمَعَ مَعَهُ قَيْسًا وَمُضَرَ وَمَنْ بِالْبَصْرَةِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَجَمَعَ سُفْيَانُ جَمِيعَ الْيَمَانِيَّةِ وَحُلَفَاءَهُمْ مِنْ رَبِيعَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَأَتَاهُمْ قَائِدٌ مِنْ قُوَّادِ ابْنِ هُبَيْرَةَ كَانَ بَعَثَهُ مَدَدًا لِسَلْمٍ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ، فَأَتَى سَلْمٌ سُوقَ الْإِبِلِ وَوَجَّهَ الْخُيُولَ فِي سِكَكِ الْبَصْرَةِ وَنَادَى: مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ خَمْسُمِائَةٍ، وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَلَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ.
وَمَضَى مُعَاوِيَةُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي رَبِيعَةَ وَخَاصَّتِهِ، فَلَقِيَهُ خَيْلُ تَمِيمٍ، فَقُتِلَ