مُسْلِمٍ. فَدَخَلَ الْكَرْمَانِيُّ مَنْزِلَهُ، وَأَقَامَ أَبُو مُسْلِمٍ فِي الْعَسْكَرِ، وَخَرَجَ الْكَرْمَانِيُّ حَتَّى وَقَفَ فِي الرَّحْبَةِ فِي مِائَةِ فَارِسٍ وَعَلَيْهِ قُرْطَقٌ، وَأَرْسَلَ إِلَى نَصْرٍ: اخْرُجْ لِنَكْتُبَ بَيْنَنَا ذَلِكَ الْكِتَابَ. فَأَبْصَرَ مِنْهُ غِرَّةً، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ ابْنَ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ فِي الرَّحْبَةِ، فَالْتَقَوْا بِهَا طَوِيلًا، ثُمَّ إِنَّ الْكَرْمَانِيَّ طُعِنَ فِي خَاصِرَتِهِ فَخَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ وَحَمَاهُ أَصْحَابُهُ حَتَّى جَاءَهُمْ مَا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهِ، فَقَتَلَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ الْكَرْمَانِيَّ وَصَلَبَهُ وَصَلَبَ مَعَهُ سَمَكَةً.

وَأَقْبَلَ ابْنُهُ عَلِيٌّ وَقَدْ جَمَعَ جَمْعًا كَثِيرًا، فَصَارَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَاسْتَصْحَبَهُ مَعَهُ فَقَاتَلُوا نَصْرَ بْنَ سَيَّارٍ حَتَّى أَخْرَجُوهُ مِنْ دَارِ الْإِمَارَةِ، فَمَالَ إِلَى بَعْضِ دُورِ مَرْوَ، وَأَقْبَلَ أَبُو مُسْلِمٍ حَتَّى دَخَلَ مَرْوَ، وَأَتَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْكَرْمَانِيِّ وَأَعْلَمَهُ أَنَّهُ مَعَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْإِمْرَةِ وَقَالَ لَهُ: مُرْنِي بِأَمْرِكَ فَإِنِّي مُسَاعِدُكَ عَلَى مَا تُرِيدُ. فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ حَتَّى آمُرَكَ بِأَمْرِي. وَلَمَّا نَزَلَ أَبُو مُسْلِمٍ بَيْنَ خَنْدَقِ الْكَرْمَانِيِّ وَنَصْرٍ، وَرَأَى نَصْرٌ قُوَّتَهُ كَتَبَ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ يُعْلِمُهُ حَالَ أَبِي مُسْلِمٍ وَخُرُوجَهُ وَكَثْرَةَ مَنْ مَعَهُ، فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَكَتَبَ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ:

أَرَى بَيْنَ الرَّمَادِ وَمِيضَ نَارٍ ... وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ضِرَامُ

فَإِنَّ النَّارَ بِالْعُودَيْنِ تُذْكَى ... وَإِنَّ الْحَرْبَ مَبْدَؤُهَا كَلَامُ

فَقُلْتُ مِنَ التَّعَجُّبِ لَيْتَ شِعْرِي ... أَأَيْقَاظٌ أُمَيَّةُ أَمْ نِيَامُ

فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ: إِنَّ الشَّاهِدَ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ، فَاحْسِمِ الثُّؤْلُولَ قِبَلَكَ. فَقَالَ نَصْرٌ: أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ أَعْلَمَكُمْ أَنَّهُ لَا نَصْرَ عِنْدِهِ. فَكَتَبَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ يَسْتَمِدُّهُ، وَكَتَبَ لَهُ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015