فَلَقِيَ رَجُلًا مِنَ الشِّيعَةِ فَسَأَلَهُ عَنْ أُسَيْدٍ، فَانْتَهَرَهُ وَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ شَرًّا، سَعَى إِلَى الْعَامِلِ بِرَجُلَيْنِ قِيلَ إِنَّهُمَا دَاعِيَانِ، فَأَخَذَهُمَا وَأَخَذَ الْأَحْجَمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْلَانَ بْنَ فُضَالَةَ وَغَالِبَ بْنَ سَعِيدٍ وَمُهَاجِرَ بْنَ عُثْمَانَ، فَانْصَرَفَ الْفَضْلُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَأَخْبَرَهُ، فَتَنَكَّبَ الطَّرِيقَ، وَأَرْسَلَ طَرْخَانَ الْحَمَّالَ يَسْتَدْعِي أُسَيْدًا وَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الشِّيعَةِ، فَدَعَا لَهُ أُسَيْدًا، فَأَتَاهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْأَخْبَارِ، فَقَالَ: قَدِمَ الْأَزْهَرُ بْنُ شُعَيْبٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سَعْدٍ بِكُتُبِ الْإِمَامِ إِلَيْكَ، فَخَلَّفَا الْكُتُبَ عِنْدِي وَخَرَجَا فَأُخِذَا، فَلَا أَدْرِي مَنْ سَعَى بِهِمَا. قَالَ: فَأَيْنَ الْكُتُبُ؟ فَأَتَاهُ بِهَا.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى قُومِسَ وَعَلَيْهَا بَيْهَسُ بْنُ بُدَيْلٍ الْعِجْلِيُّ، فَأَتَاهُمْ بَيْهَسُ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: الْحَجَّ، وَأَتَاهُ وَهُوَ بِقُومِسَ كِتَابُ إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ إِلَيْهِ وَإِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ يَقُولُ لِأَبِي مُسْلِمٍ فِيهِ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ بِرَايَةِ النَّصْرِ، فَارْجِعْ مِنْ حَيْثُ لَقِيَكَ كِتَابِي، وَوَجِّهْ إِلَيَّ قَحْطَبَةَ بِمَا مَعَكَ يُوَافِنِي بِهِ فِي الْمَوْسِمِ.
فَانْصَرَفَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى خُرَاسَانَ، وَوَجَّهَ قَحْطَبَةَ إِلَى الْإِمَامِ بِمَا مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْعُرُوضِ، فَلَمَّا كَانُوا بِنَيْسَابُورَ عَرَضَ لَهُمْ صَاحِبُ الْمَسْلَحَةِ فَسَأَلَهُمْ عَنْ حَالِهِمْ، فَقَالُوا: أَرَدْنَا الْحَجَّ فَبَلَغَنَا عَنِ الطَّرِيقِ شَيْءٌ خِفْنَاهُ. فَأَمَرَ الْمُفَضَّلَ بْنَ الشَّرْقِيِّ السُّلَمِيَّ بِإِزْعَاجِهِمْ، فَخَلَا بِهِ أَبُو مُسْلِمٍ وَعَرَضَ عَلَيْهِ أَمْرَهُمْ فَأَجَابَهُ، وَأَقَامَ عِنْدَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا عَلَى مَهَلٍ.
فَقَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ مَرْوَ فَدَفَعَ كِتَابَ الْإِمَامِ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ يَأْمُرُهُ فِيهِ بِإِظْهَارِ الدَّعْوَةِ، فَنَصَبُوا أَبَا مُسْلِمٍ وَقَالُوا: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَدَعَوْا إِلَى طَاعَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَأَرْسَلُوا إِلَى مَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ أَوْ بَعُدَ مِمَّنْ أَجَابَهُمْ، فَأَمَرُوهُ بِإِظْهَارِ أَمْرِهِمْ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِمْ.
فَنَزَلَ أَبُو مُسْلِمٍ قَرْيَةً مِنْ قُرَى مَرْوَ يُقَالُ لَهَا فَنِينَ عَلَى أَبِي الْحَكَمِ عِيسَى بْنِ أَعْيَنَ النَّقِيبِ، وَوَجَّهَ مِنْهَا أَبَا دَاوُدَ النَّقِيبَ وَمَعَهُ عَمْرُو بْنُ أَعْيَنَ إِلَى طَخَارِسْتَانَ فَمَا دُونُ بَلْخٍ، فَأَمَرَهُمَا بِإِظْهَارِ الدَّعْوَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَكَانَ نُزُولُهُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فِي شَعْبَانَ، وَوَجَّهَ النَّضْرَ بْنَ صُبَيْحٍ التَّمِيمِيَّ وَشَرِيكَ بْنَ غُضَيٍّ التَّمِيمِيَّ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ بِإِظْهَارِ الدَّعْوَةِ فِي رَمَضَانَ، وَوَجَّهَ أَبَا عَاصِمٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سُلَيْمٍ إِلَى الطَّالَقَانِ، وَوَجَّهَ أَبَا الْجَهْمِ بْنَ عَطِيَّةَ إِلَى الْعَلَاءِ بْنِ حُرَيْثٍ بِخَوَارِزْمَ بِإِظْهَارِ الدَّعْوَةِ فِي رَمَضَانَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْهُ، فَإِنْ أَعْجَلَهُمْ عَدُوُّهُمْ دُونَ الْوَقْتِ بِالْأَذَى وَالْمَكْرُوهِ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَيُجَرِّدُوا