وَلَا أَصْلَحَ لِلْعَامَّةِ وَالسُّلْطَانِ مِنْ دِيوَانِ هِشَامٍ. وَقِيلَ: وَأُتِيَ هِشَامٌ بِرَجُلٍ عِنْدَهُ قِيَانٌ وَخَمْرٌ وَبَرْبَطٌ، فَقَالَ: اكْسِرُوا الطُّنْبُورَ عَلَى رَأْسِهِ. فَبَكَى الشَّيْخُ لَمَّا ضَرَبَهُ. فَقَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّبْرِ. فَقَالَ: أَتَرَانِي أَبْكِي لِلضَّرْبِ؟ إِنَّمَا أَبْكِي لِاحْتِقَارِهِ الْبَرْبَطَ إِذْ سَمَّاهُ طُنْبُورًا! قَالَ: وَأَغْلَظَ رَجُلٌ لِهِشَامٍ، فَقَالَ لَهُ: لَيْسَ لَكَ أَنْ تُغْلِظَ لِإِمَامِكَ. قِيلَ: وَتَفَقَّدَ هِشَامٌ بَعْضَ وَلَدِهِ فَلَمْ يَحْضُرِ الْجُمْعَةَ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ مِنَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: نَفَقَتْ دَابَّتِي. قَالَ: أَفَعَجَزْتَ عَنِ الْمَشْيِ؟ فَمَنَعَهُ الدَّابَّةَ سَنَةً. قِيلَ: وَكَتَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ عُمَّالِهِ: قَدْ بَعَثْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِسَلَّةِ دُرَّاقِنَ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: قَدْ وَصَلَ الدُّرَّاقِنُ فَأَعْجَبَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَزِدْ مِنْهُ وَاسْتَوْثِقْ مِنَ الدُّعَاءِ. وَكَتَبَ إِلَى عَامِلٍ لَهُ قَدْ بَعَثَ بِكَمْأَةٍ: قَدْ وَصَلَتِ الْكَمْأَةُ وَهِيَ أَرْبَعُونَ، وَقَدْ تَغَيَّرَ بَعْضُهَا مِنْ حَشْوِهَا، فَإِذَا بَعَثْتَ شَيْئًا فَأَجِدْ حَشْوَهَا فِي الظَّرْفِ الَّذِي تَجْعَلُهَا فِيهِ بِالرَّمْلِ حَتَّى لَا تَضْطَرِبَ وَلَا يُصِيبَ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَقِيلَ لَهُ: أَتَطْمَعُ فِي الْخِلَافَةِ؟ فَأَنْتَ بَخِيلٌ جَبَانٌ! قَالَ: وَلِمَ لَا أَطْمَعُ فِيهَا وَأَنَا حَلِيمٌ عَفِيفٌ؟
قِيلَ: وَكَانَ هِشَامٌ يَنْزِلُ الرُّصَافَةَ وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ قِنَّسْرِينَ، وَكَانَ الْخُلَفَاءُ قَبْلَهُ وَأَبْنَاءُ الْخُلَفَاءِ يَنْتَبِذُونَ هَرَبًا مِنَ الطَّاعُونِ فَيَنْزِلُونَ الْبَرِّيَّةَ، فَلَمَّا أَرَادَ هِشَامٌ أَنْ يَنْزِلَ الرُّصَافَةَ قِيلَ لَهُ: لَا تَخْرُجْ فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ لَا يُطْعَنُونَ وَلَمْ يُرَ خَلِيفَةٌ طُعِنَ. قَالَ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تُجَرِّبُوا فِيَّ؟ فَنَزَلَهَا، وَهِيَ مَدِينَةٌ رُومِيَّةٌ.
قِيلَ: إِنَّ الْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ أَظْهَرَ مَقَالَتَهُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَيَّامَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَخَذَهُ هِشَامٌ وَأَرْسَلَهُ إِلَى خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ، وَهُوَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَحَبَسَهُ خَالِدٌ وَلَمْ