وَقِيلَ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ ضِيَاعِ بَنِي مَعْقِلٍ الْعِجْلِيَّةِ بِأَصْبَهَانَ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْجَبَلِ، وَكَانَ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ، وَيُلَقَّبُ حَيْكَانَ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَكَنَّاهُ أَبَا مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ الْإِمَامُ، وَكَانَ مَعَ أَبِي مُوسَى السَّرَّاجِ صَاحِبِهِ يُخَرِّزُ الْأَعِنَّةَ وَيَعْمَلُ السُّرُوجَ، وَلَهُ مَعْرِفَةٌ بِصِنَاعَةِ الْأُدُمِ وَالسُّرُوجِ، فَكَانَ يَحْمِلُهَا إِلَى أَصْبَهَانَ وَالْجِبَالِ وَالْجَزِيرَةِ وَالْمَوْصِلِ وَنَصِيبِينَ وَآمِدَ وَغَيْرِهَا يَتَّجِرُ فِيهَا.

وَكَانَ عَاصِمُ بْنُ يُونُسَ الْعِجْلِيُّ وَإِدْرِيسُ وَعِيسَى ابْنَا مَعْقِلٍ مَحْبُوسِينَ، فَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَخْدِمُهُمْ فِي الْحَبْسِ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ، فَقَدِمَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَلَاهِزُ وَقَحْطَبَةُ الْكُوفَةَ فَدَخَلُوا عَلَى عَاصِمٍ، فَرَأَوْا أَبَا مُسْلِمٍ عِنْدَهُ، فَأَعْجَبَهُمْ، فَأَخَذُوهُ، وَكَتَبَ أَبُو مُوسَى السَّرَّاجُ مَعَهُ كِتَابًا إِلَى إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ، فَلَقُوهُ بِمَكَّةَ، فَأَخَذَ أَبَا مُسْلِمٍ فَكَانَ يَخْدِمُهُ.

ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ النُّقَبَاءَ قَدِمُوا عَلَى إِبْرَاهِيمَ الْإِمَامِ مَرَّةً أُخْرَى يَطْلُبُونَ رَجُلًا يَتَوَجَّهُ مَعَهُمْ إِلَى خُرَاسَانَ. فَكَانَ هَذَا نَسَبُ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ حُرٌّ. فَلَمَّا تَمَكَّنَ وَقَوِيَ أَمْرُهُ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ وَلَدِ سَلِيطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ.

وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ سَلِيطِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ مُوَلَّدَةٌ صَفْرَاءُ تَخْدِمُهُ، فَوَاقَعَهَا مَرَّةً وَلَمْ يَطْلُبْ وَلَدَهَا ثُمَّ تَرَكَهَا دَهْرًا، فَاغْتَنَمَتْ ذَلِكَ فَاسْتَنْكَحَتْ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ الْمَدِينَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَحَدَّهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَاسْتَعْبَدَ وَلَدَهَا وَسَمَّاهُ سَلِيطًا، فَنَشَأَ جَلْدًا ظَرِيفًا يَخْدِمُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَنْزِلَةٌ، فَادَّعَى أَنَّهُ وَلَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَوَضَعَهُ عَلَى أَمْرِ الْوَلِيدِ لِمَا كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَرَهُ بِمُخَاصَمَةِ عَلِيٍّ، فَخَاصَمَهُ وَاحْتَالَ فِي شُهُودٍ عَلَى إِقْرَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ ابْنُهُ، فَشَهِدُوا بِذَلِكَ عِنْدَ قَاضِي دِمَشْقَ، فَتَحَامَلَ الْقَاضِي اتِّبَاعًا لِرَأْيِ الْوَلِيدِ فَأَثْبَتَ نَسَبَهُ.

ثُمَّ إِنَّ سَلِيطًا خَاصَمَ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْمِيرَاثِ حَتَّى لَقِيَ مِنْهُ عَلِيٌّ أَذًى شَدِيدًا، وَكَانَ مَعَ عَلِيٍّ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنْقَطِعًا إِلَيْهِ يُقَالُ لَهُ عُمَرُ الدَّنُّ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ يَوْمًا: لَأَقْتُلَنَّ هَذَا الْكَلْبَ وَأُرِيحَكَ مِنْهُ، فَنَهَاهُ عَلِيٌّ عَنْ ذَلِكَ وَتَهَدَّدَهُ بِالْقَطِيعَةِ وَرَفُقَ عَلَى سَلِيطٍ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ.

ثُمَّ إِنَّ سَلِيطًا دَخَلَ مَعَ عَلِيٍّ بُسْتَانًا لَهُ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ، فَنَامَ عَلِيٌّ فَجَرَى بَيْنَ عُمَرَ الدَّنِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015