مَسْلَمَةُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ فَارِسٍ، فَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّومِ، وَكَانَ الْعَلَّافَةُ وَالسَّابِلَةُ يَسِيرُونَ آمِنِينَ.
وَسَارَ مَرَّةً مَعَ عَسْكَرٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا صَارَ بِأَطْرَافِ الرُّومِ سَارَ وَحْدَهُ فَدَخَلَ بِلَادَهُمْ، فَرَأَى مُبْقِلَةً فَنَزَلَ فَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ الْبَقْلِ، فَجَاءَتْ جَوْفُهُ وَكَثُرَ إِسْهَالُهُ، فَخَافَ أَنْ يَضْعُفَ عَنِ الرُّكُوبِ فَرَكِبَ، وَصَارَ تَجِيءُ جَوْفُهُ فِي سَرْجِهِ وَلَا يَجْسُرُ يَنْزِلُ لِئَلَّا يَضْعُفَ عَنِ الرُّكُوبِ، فَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ الضَّعْفُ، فَاعْتَنَقَ رَقَبَةَ فَرَسِهِ وَسَارَ عَلَيْهِ وَلَا يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ، فَفَتَحَ عَيْنَهُ فَإِذَا هُوَ فِي دَيْرٍ فِيهِ نِسَاءٌ، فَاجْتَمَعْنَ عَلَيْهِ وَأَنْزَلَتْهُ إِحْدَاهُنَّ عَنْ فَرَسِهِ وَغَسَّلَتْهُ وَسَقَتْهُ دَوَاءً فَانْقَطَعَ عَنْهُ مَا بِهِ، وَأَقَامَ فِي الدَّيْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ إِنَّ بِطْرِيقًا حَضَرَ الدَّيْرَ فَخَطَبَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَبَلَغَهُ خَبَرُ الْبَطَّالِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ قَدْ جَعَلَتْهُ فِي بَيْتٍ مُخْتَفِيًا فَمَنَعَتْهُ مِنْهُ، ثُمَّ سَارَ الْبِطْرِيقُ عَنِ الدَّيْرِ، فَرَكِبَ الْبَطَّالُ وَتَبِعَهُ فَقَتَلَهُ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْبِطْرِيقِ، وَعَادَ إِلَى الدَّيْرِ وَأَلْقَى الرَّأْسَ إِلَى النِّسَاءِ وَأَخَذَهُنَّ وَسَاقَهُنَّ إِلَى الْعَسْكَرِ، فَنَقَلَ أَمِيرُ الْعَسْكَرِ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، فَهِيَ أُمُّ أَوْلَادِ الْبَطَّالِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ كُلْثُومُ بْنُ عِيَاضٍ الْقُشَيْرِيُّ الَّذِي كَانَ هِشَامٌ بَعَثَهُ فِي أَهْلِ الشَّامِ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ حَيْثُ وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِالْبَرْبَرِ.
وَفِيهَا وُلِدَ الْفَضْلُ بْنُ صَالِحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ.
وَفِيهَا وَجَّهَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ ابْنَ شُبْرُمَةَ عَلَى سِجِسْتَانَ فَاسْتَقْضَى مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، وَكَانَ عُمَّالُ الْأَمْصَارِ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، قِيلَ: وَكَانَ عَلَى الْمَوْصِلِ: أَبُو قُحَافَةَ ابْنُ أَخِي الْوَلِيدِ بْنِ تَلِيدٍ الْعَبْسِيِّ.