وَأَمَّا الْمَجُوسُ فَيَزْعُمُونَ أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ أَذْرَبِيجَانَ، وَأَنَّهُ نَزَلَ عَلَى الْمَلِكِ مِنْ سَقْفِ إِيوَانِهِ، وَبِيَدِهِ كُبَّةٌ مِنْ نَارٍ يَلْعَبُ بِهَا وَلَا تَحْرِقُهُ، وَكُلُّ مَنْ أَخَذَهَا مِنْ يَدِهِ لَمْ تَحْرِقْهُ، وَأَنَّهُ اتَّبَعَهُ الْمَلِكُ، وَدَانَ بِدِينِهِ، وَبَنَى بُيُوتَ النِّيرَانِ فِي الْبِلَادِ، وَأَشْعَلَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ فِي بُيُوتِ النِّيرَانِ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ النِّيرَانَ الَّتِي فِي بُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ مِنْ تِلْكَ إِلَى الْآنَ.
وَكَذَبُوا فَإِنَّ النَّارَ الَّتِي لِلْمَجُوسِ طُفِئَتْ فِي جَمِيعِ الْبُيُوتِ لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَكَانَ ظُهُورُ زَرَادُشْتَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِ بَشْتَاسِبَ، وَأَتَاهُ بِكِتَابٍ زَعَمَ أَنَّهُ وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكُتِبَ فِي جِلْدِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ بَقَرَةٍ حَفْرًا وَنَقْشًا بِالذَّهَبِ، فَجَعَلَهُ بَشْتَاسِبُ فِي مَوْضِعٍ بِإِصْطَخْرَ وَمَنَعَ مِنْ تَعْلِيمِهِ الْعَامَّةَ.
وَكَانَ بَشْتَاسِبُ وَآبَاؤُهُ قَبْلَهُ يَدِينُونَ بِدِينِ الصَّابِئَةِ. وَسَيَرِدُ بَاقِي أَخْبَارِهِ.