بِالنِّسَاءِ مِنَ السَّبْيِ وَبِالْأَبْنَاءِ مِنَ الِاسْتِرْقَاقِ وَبِالرِّجَالِ مِنَ الْقَتْلِ، فَكَسَرَ النَّاسُ أَجْفَانَ سُيُوفِهِمْ، وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ نِسَاؤُهُمْ يُحَرِّضْنَهُمْ، فَحَمِيَ النَّاسُ وَحَمَلُوا عَلَى الْخَوَارِجِ حَمْلَةً وَاحِدَةً وَثَبَتَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَاشْتَدَّ اللِّزَامُ وَكَثُرَ الزِّحَامُ وَصَبَرَ الْفَرِيقَانِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَزَمَ الْخَوَارِجَ وَالْبَرْبَرَ وَنَصَرَ الْعَرَبَ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِي الْبَرْبَرِ وَتَبِعُوهُمْ إِلَى جَلُولَاءَ يَقْتُلُونَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ عَبْدَ الْوَاحِدِ قَدْ قُتِلَ حَتَّى حُمِلَ رَأْسُهُ إِلَى حَنْظَلَةَ، فَخَرَّ النَّاسُ لِلَّهِ سُجَّدًا.
فَقِيلَ: لَمْ يُقْتَلْ بِالْمَغْرِبِ أَكْثَرُ مِنْ هَذِهِ الْقَتْلَةِ، فَإِنَّ حَنْظَلَةَ أَمَرَ بِإِحْصَاءِ الْقَتْلَى، فَعَجَزَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ حَتَّى عَدُّوهُمْ بِالْقَصَبِ، فَكَانَتْ عِدَّةُ الْقَتْلَى مِائَةَ أَلْفٍ وَثَمَانِينَ أَلْفًا، ثُمَّ أُسِرَ عُكَّاشَةُ مَعَ طَائِفَةٍ أُخْرَى بِمَكَانٍ آخَرَ وَحُمِلَ إِلَى حَنْظَلَةَ فَقَتَلَهُ، وَكَتَبَ حَنْظَلَةُ إِلَى هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْفَتْحِ، وَكَانَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَقُولُ: مَا غَزْوَةٌ إِلَى الْآنَ أَشَدُّ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ مِنْ غَزْوَةِ الْعَرَبِ بِالْأَصْنَامِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُسْرَى، وَغَزَا سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُمْنَى مِنْ نَحْوِ الْجَزِيرَةِ، وَفَرَّقَ سَرَايَاهُ فِي أَرْضِ الرُّومِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَكَانَ الْعَامِلُ عَلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالطَّائِفِ مُحَمَّدَ بْنَ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيَّ، وَعَلَى إِرْمِينِيَّةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَرْوَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.