بِاثْنَتَيْنِ، وَعَرَضَ الْبَرَاءَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَمَنْ تَبَرَّأَ خَلَّى سَبِيلَهُ، فَتَبَرَّأَ اثْنَانِ، فَتُرِكَا، وَأَبَى الْبَرَاءَةُ ثَمَانِيَةٌ، فَقُتِلُوا.
فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَقْبَلَ أَحَدُهُمَا إِلَى أَسَدٍ، فَقَالَ: أَسْأَلُكَ أَنْ تُلْحِقَنِي بِأَصْحَابِي، فَقَتَلَهُ، وَذَلِكَ قَبْلَ الْأَضْحَى بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُسَمَّى كَثِيرًا، فَنَزَلَ عَلَى أَبِي النَّجْمِ، وَكَانَ يَأْتِيهِ الَّذِينَ لَقُوا زِيَادًا، فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَكَانَ أُمِّيًّا، فَقَدِمَ عَلَيْهِ خِدَاشٌ، وَاسْمُهُ عُمَارَةُ غَلَبَ عَلَيْهِ خِدَاشٌ، فَغَلَّبَ كَثِيرًا عَلَى أَمْرِهِ.
وَقِيلَ فِي أَمْرِ الدُّعَاةِ مَا تَقَدَّمَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ الْفِهْرِيُّ فِي الْبَحْرِ، وَغَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ أَرْضَ الرُّومِ، فَفَتَحَ حِصْنًا يُقَالُ لَهُ طِيبَةُ، فَأُصِيبَ مَعَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ أَنْطَاكِيَّةَ.
وَفِيهَا قُتِلَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ الْأُسَيَّدِيُّ، قَتَلَهُ مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ، وَسَبَبُ قَتْلِهِ أَنَّهُ أَبْلَى فِي قِتَالِ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: هَذَا رَجُلُ الْعِرَاقِ. فَغَاظَ ذَلِكَ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَمَرَ مَالِكَ بْنَ الْمُنْذِرَ، وَهُوَ عَلَى شُرَطِ الْبَصْرَةِ، أَنْ يُعَظِّمَهُ وَلَا يَعْصِيَ لَهُ أَمْرًا، وَأَقْبَلَ يَطْلُبُ لَهُ عَثْرَةً يَقْتُلُهُ بِهَا، فَذَكَرَ مَالِكُ بْنُ الْمُنْذِرِ عَبْدَ الْأَعْلَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، فَافْتَرَى عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ: لَا تَفْتَرِ عَلَى مِثْلِ عَبْدِ الْأَعْلَى. فَأَغْلَظَ لَهُ مَالِكٌ، وَضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ حَتَّى قَتَلَهُ.
(الْأُسَيَّدِيُّ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ) .
وَفِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ التُّرْكَ مِنْ نَاحِيَةِ أَذْرَبِيجَانَ، فَغَنِمَ وَسَبَى وَعَادَ سَالِمًا.