ذِكْرُ وِلَايَةِ خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ الْعِرَاقَ
فِيهَا عَزَلَ هِشَامٌ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ عَنِ الْعِرَاقِ، وَاسْتَعْمَلَ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيَّ فِي شَوَّالٍ.
قَالَ عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عُمَيْرٍ الْأُسَيِّدِيُّ: دَخَلْتُ عَلَى هِشَامٍ وَخَالِدٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَذْكُرُ طَاعَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ هَكَذَا خَطَأً وَخَطَلًا، وَاللَّهِ مَا فُتِحَتْ فِتْنَةٌ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا بِأَهْلِ الْيَمَنِ، هُمْ قَتَلُوا عُثْمَانَ، وَهُمْ خَلَعُوا عَبْدَ الْمَلِكِ، وَإِنَّ سُيُوفَنَا لَتَقْطُرُ مِنْ دِمَاءِ أَهْلِ الْمُهَلَّبِ. قَالَ: فَلَمَّا قُمْتُ تَبِعَنِي رَجُلٌ مِنْ آلِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ وَرَتْ بِكَ زِنَادِي، قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ، وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ وَلَّى خَالِدًا الْعِرَاقَ، وَلَيْسَتْ لَكَ بِدَارٍ! فَسَارَ خَالِدٌ إِلَى الْعِرَاقِ مِنْ يَوْمِهِ.
(الْأُسَيِّدِيُّ: بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، هَكَذَا يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ، وَأَمَّا النُّحَاةُ فَإِنَّهُمْ يُخَفِّفُونَ الْيَاءَ، وَهِيَ عِنْدُ الْجَمِيعِ نِسْبَةٌ إِلَى أُسَيِّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ) .
ذِكْرُ دُعَاةِ بَنِي عَبَّاسٍ
قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ بُكَيْرُ بْنُ مَاهَانَ مِنَ السِّنْدِ، وَكَانَ بِهَا مَعَ الْجُنَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. فَلَمَّا عُزِلَ الْجُنَيْدُ قَدِمَ بُكَيْرٌ الْكُوفَةَ، وَمَعَهُ أَرْبَعُ لَبِنَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبَ، فَلَقِيَ أَبَا عِكْرِمَةَ الصَّادِقَ وَمَيْسَرَةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ خُنَيْسٍ، وَسَالِمًا الْأَعْيَنَ، وَأَبَا يَحْيَى مَوْلَى بَنِي سَلِمَةَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَمْرَ دَعْوَةِ بَنِي هَاشِمٍ، فَقَبِل ذَلِكَ وَرَضِيَهُ وَأَنْفَقَ مَا مَعَهُ عَلَيْهِمْ، وَدَخَلَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَمَاتَ مَيْسَرَةُ فَأَقَامَهُ مَقَامَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا الْجَرَّاحُ الْحَكَمِيُّ اللَّانَ حَتَّى جَازَ ذَلِكَ إِلَى مَدَائِنَ وَحُصُونٍ وَرَاءَ بَلَنْجَرَ، فَفَتَحَ بَعْضَ ذَلِكَ، وَأَصَابَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً.