وَكَانَتْ أُمُّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُمُّ عَاصِمٍ بِنْتُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَرَثَاهُ الشُّعَرَاءُ فَأَكْثَرُوا، فَقَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
أَقُولُ لَمَّا أَتَانِي ثَمَّ مَهْلِكُهُ ... لَا تَبْعُدَنَّ قِوَامَ الْحَقِّ وَالدِّينِ
قَدْ غَادَرُوا فِي ضَرِيحِ اللَّحْدِ مُنْجَدِلًا ... بِدَيْرِ سَمْعَانَ قِسْطَاسَ الْمَوَازِينِ
وَرَثَاهُ جَرِيرٌ وَالْفَرَزْدَقُ وَغَيْرُهُمَا.
ذِكْرُ بَعْضِ سِيرَتِهِ
قِيلَ: لَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ كَتَبَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَبَضَهُ وَاسْتَخْلَفَنِي، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ بَعْدِي إِنْ كَانَ، وَإِنَّ الَّذِي وَلَّانِي اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدَّرَ لِي لَيْسَ عَلَيَّ بِهَيِّنٍ، وَلَوْ كَانَتْ رَغْبَتِي فِي اتِّخَاذِ أَزْوَاجٍ، أَوِ اعْتِقَادِ أَمْوَالٍ، لَكَانَ فِي الَّذِي أَعْطَانِي مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ بَلَغَ بِي، أَفْضَلَ مَا بَلَغَ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَأَنَا أَخَافُ فِيمَا ابْتُلِيتُ بِهِ حِسَابًا شَدِيدًا، وَمَسْأَلَةً غَلِيظَةً، إِلَّا مَا عَفَا اللَّهُ وَرَحِمَ، وَقَدْ بَايَعَ مَنْ قِبَلَنَا، فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ. فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قِيلَ لَهُ: لَسْتَ مِنْ عُمَّالِهِ، لِأَنَّ كَلَامَهُ لَيْسَ كَكَلَامِ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِهِ. فَدَعَا يَزِيدُ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ، فَبَايَعُوا.
قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نُعَيْمٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَاعْمَلْ عَمَلَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ.
قَالَ طُفَيْلُ بْنُ مِرْدَاسٍ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ: أَنِ اعْمَلْ خَانَاتٍ، فَمَنْ مَرَّ بِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَاقْرُوهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَتَعَهَّدُوا دَوَابَّهُمْ، وَمَنْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ فَاقْرُوهُ