100 -
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ مِائَةٍ
ذِكْرُ خُرُوجِ شَوْذَبٍ الْخَارِجِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ شَوْذَبٌ، وَاسْمُهُ بِسْطَامٌ، مِنْ بَنِي يَشْكُرَ، فِي جُوخَى، وَكَانَ فِي ثَمَانِينَ رَجُلًا، فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ عَامِلِهِ بِالْكُوفَةِ أَنْ لَا يُحَرِّكَهُمْ حَتَّى يَسْفِكُوا دِمَاءً، وَيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ فَعَلُوا وَجِّهْ إِلَيْهِمْ رَجُلًا صَلِيبًا حَازِمًا فِي جُنْدٍ.
فَبَعَثَ عَبْدُ الْحَمِيدِ مُحَمَّدَ بْنَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ فِي أَلْفَيْنِ وَأَمْرَهُ بِمَا كَتَبَ بِهِ عُمَرُ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى بِسْطَامٍ يَسْأَلُهُ عَنْ مَخْرَجِهِ، فَقَدِمَ كِتَابُ عُمَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، فَقَامَ بِإِزَائِهِ لَا يَتَحَرَّكُ.
فَكَانَ فِي كِتَابِ عُمَرَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ خَرَجْتَ غَضَبًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلَسْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنِّي، فَهَلُمَّ إِلَيَّ أُنَاظِرُكَ، فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ بِأَيْدِينَا دَخَلْتَ فِيمَا دَخَلَ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِكَ نَظَرْنَا فِي أَمْرِكَ.
فَكَتَبَ بِسْطَامٌ إِلَى عُمَرَ: قَدْ أَنْصَفْتَ وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ رَجُلَيْنِ يُدَارِسَانِكَ وَيُنَاظِرَانِكَ. وَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ مَوْلًى لِبَنِي شَيْبَانَ حَبَشِيًّا اسْمُهُ عَاصِمٌ، وَرَجُلًا مِنْ بَنِي يَشْكُرَ، فَقَدِمَا عَلَى عُمَرَ بِخُنَاصِرَةَ، فَدَخَلَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمَا: مَا أَخْرَجَكُمَا هَذَا الْمَخْرَجَ، وَمَا الَّذِي نَقَمْتُمْ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا نَقَمْنَا سِيرَتَكَ، إِنَّكَ لَتَتَحَرَّى الْعَدْلَ وَالْإِحْسَانَ، فَأَخْبِرْنَا عَنْ قِيَامِكَ بِهَذَا الْأَمْرِ، أَعَنْ رِضًى مِنَ النَّاسِ وَمَشُورَةٍ، أَمِ ابْتَزَزْتُمْ أَمْرَهُمْ؟
فَقَالَ عُمَرُ: مَا سَأَلْتُهُمُ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَلَا غَلَبْتُهُمْ عَلَيْهَا، وَعَهِدَ إِلَيَّ رَجُلٌ كَانَ