الْعَلِيمِيَّ، فَاسْتَخْرَجَ] مَا كَانَ فِي الْكُرْزِ مِنْ مَتَاعٍ وَمَنْ كَانَ فِيهِ فَقَدِمَ بِهِ عَلَى قُتَيْبَةَ. فَانْتَظَرَ بِهِمْ كِتَابَ الْحَجَّاجِ، فَأَتَاهُ كِتَابُ الْحَجَّاجِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَأْمُرُهُ بِقَتْلِ نِيزَكَ، فَدَعَا قُتَيْبَةُ النَّاسَ وَاسْتَشَارَهُمْ فِي قَتْلِهِ، وَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ ضِرَارُ بْنُ حُصَيْنٍ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ: أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا إِنْ أَمْكَنَكَ مِنْهُ أَنْ تَقْتُلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَلَا يَنْصُرُكَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَبَدًا.
فَدَعَا نِيزَكَ فَضَرَبَ رَقَبَتَهُ بِيَدِهِ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ صُولٍ، وَابْنِ أَخِي نِيزَكَ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ سَبْعَمِائَةٍ، وَقِيلَ: اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، وَصَلَبَ نِيزَكَ وَابْنَ أَخِيهِ، وَبَعْثَ بِرَأْسِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ، وَقَالَ نَهَارُ بْنُ تَوْسِعَةَ فِي قَتْلِ نِيزَكَ:
لَعَمْرِي لَنَعِمَتْ غَزْوَةُ الْجُنْدِ غَزْوَةً قَضَتْ نَحْبَهَا مِنْ نِيزَكٍ وَتَعَلَّتِ
وَأَخَذَ الزُّبَيْرُ مَوْلَى عَبَّاسٍ الْبَاهِلِيِّ حُقًّا لِنِيزَكَ فِيهِ جَوْهَرٌ، وَكَانَ أَكْثَرُ مَنْ فِي بِلَادِهِ مَالًا وَعَقَارًا مِنْ ذَلِكَ الْجَوْهَرِ، وَأَطْلَقَ قُتَيْبَةُ جَبْغَوَيْهِ وَمَنَّ عَلَيْهِ وَبَعَثَ بِهِ إِلَى الْوَلِيدِ، فَلَمْ يَزَلْ بِالشَّامِ حَتَّى مَاتَ الْوَلِيدُ.
كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ: غَدَرَ قُتَيْبَةُ بِنِيزَكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
فَلَا تَحْسَبَنَّ الْغَدْرَ حَزْمًا فَرُبَّمَا ... تَرَقَّتْ بِهِ الْأَقْدَامُ يَوْمًا فَزَلَّتِ
فَلَمَّا قَتَلَ قُتَيْبَةُ نِيزَكَ رَجَعَ إِلَى مَرْوَ، وَأَرْسَلَ مَلِكُ الْجُوزَجَانِ يَطْلُبُ الْأَمَانَ، فَآمَنُهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ، فَطَلَبَ رَهْنًا وَيُعْطِيَ رَهَائِنَ، فَأَعْطَاهُ قُتَيْبَةُ حَبِيبَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ الْبَاهِلِيَّ، وَأَعْطَى مَلِكُ الْجُوزَجَانِ رَهَائِنَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقَدِمَ عَلَى قُتَيْبَةَ [فَصَالَحَهُ] ، ثُمَّ رَجَعَ فَمَاتَ بِالطَّالْقَانِ، فَقَالَ أَهْلُ الْجُوزَجَانِ: إِنَّهُمْ سَمُّوهُ، فَقَتَلُوا حَبِيبًا، وَقَتَلَ قُتَيْبَةُ الرَّهَائِنَ الَّذِينَ كَانُوا عِنْدَهُ.
ذِكْرُ غَزْوِ شُومَانَ وَكِشَّ وَنَسَفَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ قُتَيْبَةُ إِلَى شُومَانَ فَحَصَرَهَا.