وَأَخْطَأَتْنِي الْمَنَايَا لَا تُطَالِعُنِي

حَتَّى كَبِرْتُ وَلَمْ يَتْرُكْنَ لِي نَشَبَا ... وَكُنْتُ بَعْدَ طُفَيْلٍ كَالَّذِي نَضَبَتْ

عَنْهُ السُّيُولُ وَغَاضَ الْمَاءُ فَانْقَضَبَا

وَهِيَ أَبْيَاتٌ عِدَّةٌ، وَهَذِهِ الْوَقْعَةُ تُسَمَّى يَوْمَ الزَّاوِيَةِ.

فَأَقَامَ الْحَجَّاجُ أَوَّلَ صَفَرٍ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْبَصْرَةِ الْحَكَمَ بْنَ أَيُّوبَ الثَّقَفِيَّ.

وَسَارَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِلَى الْكُوفَةِ، وَقَدْ كَانَ الْحَجَّاجُ اسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى الْبَصْرَةِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيَّ حَلِيفَ بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَصَدَهُ مَطَرُ بْنُ نَاجِيَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، فَتَحَصَّنَ مِنْهُ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ فِي الْقَصْرِ، وَوَثَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ مَعَ مَطَرٍ، فَأَخْرَجَ ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَاسْتَوْلَى مَطَرٌ عَلَى الْقَصْرِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، وَفَرَّقَ فِيهِمْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، مِائَتَيْ دِرْهَمٍ.

فَلَمَّا وَصَلَ ابْنُ الْأَشْعَثِ إِلَى الْكُوفَةِ كَانَ مَطَرٌ بِالْقَصْرِ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْكُوفَةِ يَسْتَقْبِلُونَهُ، وَدَخَلَ الْكُوفَةَ وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهِ هَمْدَانُ، فَكَانُوا حَوْلَهُ، فَأَتَى الْقَصْرَ، فَمَنَعَهُ مَطَرُ بْنُ نَاجِيَةَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَصْعَدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ النَّاسَ فِي السَّلَالِيمِ إِلَى الْقَصْرِ، فَأَخَذُوهُ، فَأُتِيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمَطَرِ بْنِ نَاجِيَةَ فَحَبَسَهُ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ وَصَارَ مَعَهُ. فَلَمَّا اسْتَقَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالْكُوفَةِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَقَصَدَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ رَبِيعَةَ الْهَاشِمِيُّ بَعْدَ قِتَالِهِ الْحَجَّاجَ بِالْبَصْرَةِ.

وَقَتَلَ الْحَجَّاجُ يَوْمَ الزَّاوِيَةِ بَعْدَ الْهَزِيمَةِ أَحَدَ عَشَرَ أَلْفًا خَدَعَهُمْ بِالْأَمَانِ، وَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: لَا أَمَانَ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، فَسَمَّى رِجَالًا، فَقَالَ الْعَامَّةُ: قَدْ آمَنَ النَّاسَ، فَحَضَرُوا عِنْدَهُ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا.

ذِكْرُ وَقْعَةِ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ

وَكَانَتْ وَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ فِي شَعْبَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: كَانَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ.

وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ الْحَجَّاجَ سَارَ مِنَ الْبَصَرِهِ إِلَى الْكُوفَةِ لِقِتَالِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَنَزَلَ دَيْرَ قُرَّةَ، وَخَرَجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ الْكُوفَةِ، فَنَزَلَ دَيْرَ الْجَمَاجِمِ. فَقَالَ الْحَجَّاجُ: إِنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015