أَصْبَحْتُ ذَا بَثٍّ أُقَاسِي الْكِبَرَا ... قَدْ عِشْتُ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ أَعْصُرَا
ثَمَّةَ أَدْرَكْنَا النَّبِيَّ الْمُنْذِرَا ... وَبَعْدَهُ صِدِّيقَهُ وَعُمَرَا
وَيَوْمَ مِهْرَانَ وَيَوْمَ تُسْتَرَا ... وَالْجَمْعَ فِي صِفِّينِهِمْ وَالنَّهَرَا
وَبَاجُمَيْرَاتٍ مَعَ الْمُشَقَّرَا ... هَيْهَاتَ مَا أَطْوَلَ هَذَا عُمُرَا
وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَنَجَا مَنْ نَجَا مِنْهُمْ، فَخَرَجُوا مِنْ بِلَادِ رُتْبِيلَ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّاسُ بِالْأَطْعِمَةِ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا أَكَلَ وَشَبِعَ مَاتَ، فَحَذِرَ النَّاسُ وَجَعَلُوا يُطْعِمُونَهُمُ السَّمْنَ قَلِيلًا حَتَّى اسْتَمْرَءُوا، وَبَلَغَ ذَلِكَ الْحَجَّاجَ، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُعَرِّفُهُ ذَلِكَ، وَيُخْبِرُهُ أَنَّهُ قَدْ جَهَّزَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ جَيْشًا كَثِيفًا، وَيَسْتَأْذِنُهُ فِي إِرْسَالِهِ إِلَى بِلَادِ رُتْبِيلَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَصَابَ أَهْلَ الشَّامِ طَاعُونٌ شَدِيدٌ حَتَّى كَادُوا يَفْنَوْنَ، فَلَمْ يَغْزُ تِلْكَ السَّنَةَ أَحَدٌ فِيمَا قِيلَ. وَفِيهَا أَصَابَ أَهْلُ الرُّومِ أَهْلَ أَنْطَاكِيَّةَ وَظَفِرُوا بِهِمْ.
وَفِيهَا اسْتَعْفَى شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ الْقَضَاءِ، فَأَعْفَاهُ الْحَجَّاجُ وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْقَضَاءِ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ، وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ عَلَى الْعِرَاقِ وَالشَّرْقِ كُلِّهِ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ. وَكَانَ عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ.