وَأَتَاهُ النَّاسُ، وَكَانَ مِمَّنْ أَتَاهُ: سُوَيْدُ بْنُ سِرْحَانَ الثَّقَفِيُّ، وَبُكَيْرُ بْنُ هَارُونَ النَّخَعِيُّ، مِنَ الرَّيِّ، فِي نَحْوِ مِائَةِ رَجُلٍ.
وَكَتَبَ الْبَرَاءُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَهُوَ عَامِلُ الْحَجَّاجِ عَلَى أَصْبَهَانَ، إِلَيْهِ يُعَرِّفُهُ حَالَ مُطَرِّفٍ وَيَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِالرِّجَالِ بَعْدَ الرِّجَالِ عَلَى دَوَابِّ الْبَرِيدِ، وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى عَدِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَامِلِ الرَّيِّ يَأْمُرُهُ بِقَصْدِ مُطَرِّفٍ، وَأَنْ يَجْتَمِعَ هُوَ وَالْبَرَاءُ عَلَى مُحَارَبَتِهِ، فَسَارَ عَدِيٌّ مِنَ الرَّيِّ، فَاجْتَمَعَ هُوَ وَالْبَرَاءُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَكَانَ عَدِيٌّ هُوَ الْأَمِيرُ، فَاجْتَمَعُوا فِي نَحْوِ سِتَّةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ حَمْزَةُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَدْ أَرْسَلَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَعْتَذِرُ، فَأَظْهَرَ قَبُولَ عُذْرِهِ وَأَرَادَ عَزْلَهُ، وَخَافَ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَى قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ الْعِجْلِيِّ، وَهُوَ عَلَى شُرْطَةِ حَمْزَةَ بِهَمَذَانَ، بِعَهْدِهِ عَلَى هَمَذَانَ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَقْبِضَ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ.
وَكَانَ بِهَمَذَانَ مِنْ عِجْلٍ وَرَبِيعَةَ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَسَارَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى حَمْزَةَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عَشِيرَتِهِ، فَأَقْرَأَهُ الْعَهْدَ بِوِلَايَةِ هَمَذَانَ وَكِتَابَ الْحَجَّاجِ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، وَقَالَ: سَمْعًا وَطَاعَةً. فَقَبَضَ قَيْسٌ عَلَى حَمْزَةَ وَجَعَلَهُ فِي السِّجْنِ، وَتَوَلَّى قَيْسٌ هَمَذَانَ، وَتَفَرَّغَ قَلْبُ الْحَجَّاجِ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ لِقِتَالِ مُطَرِّفٍ، وَكَانَ يَخَافُ مَكَانَ حَمْزَةَ بِهَمَذَانَ لِئَلَّا يَمُدَّ أَخَاهُ بِالْمَالِ وَالسِّلَاحِ، وَلَعَلَّهُ يُنْجِدُهُ بِالرِّجَالِ.
فَلَمَّا قُبِضَ عَلَيْهِ سَكَنَ قَلْبُهُ وَتَفَرَّغَ بَالُهُ، وَلَمَّا اجْتَمَعَ عَدِيُّ بْنُ زِيَادٍ الْإِيَادِيُّ، وَالْبَرَاءُ بْنُ قَبِيصَةَ - سَارَا نَحْوَ مُطَرِّفٍ فَخَنْدَقَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَنَوُا اصْطَفُّوا لِلْحَرْبِ، وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ مُطَرِّفٍ، وَقُتِلَ مُطَرِّفٌ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَتَلَهُ عُمَيْرُ بْنُ هُبَيْرَةَ الْفَزَارِيُّ، وَحَمَلَ رَأْسَهُ فَتَقَدَّمَ بِذَلِكَ عِنْدَ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَاتَلَ ابْنُ هُبَيْرَةَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا.
وَقُتِلَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ صَاحِبَ رَايَةِ مُطَرِّفٍ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَفِيفٍ الْأَزْدِيُّ، وَكَانَ نَاسِكًا صَالِحًا.
وَبَعَثَ عَدِيُّ بْنُ زِيَادٍ إِلَى الْحَجَّاجِ أَهْلَ الْبَلَاءِ، فَأَكْرَمَهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَآمَنَ عَدِيٌّ بُكَيْرَ بْنَ هَارُونَ، وَسُوَيْدَ بْنَ سِرْحَانَ، وَغَيْرَهُمَا، وَطَلَبَ مِنْهُ الْأَمَانَ لِلْحَجَّاجِ بْنِ حَارِثَةَ الْخَثْعَمِيِّ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ كِتَابَ الْحَجَّاجِ يَأْمُرُهُ بِإِرْسَالِهِ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ حَيًّا، فَاخْتَفَى ابْنُ حَارِثَةَ حَتَّى عُزِلَ عَدِيٌّ، ثُمَّ ظَهَرَ فِي إِمَارَةِ خَالِدِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ وَرْقَاءَ.
وَكَانَ الْحَجَّاجُ يَقُولُ: إِنَّ مُطَرِّفًا لَيْسَ بِوَلَدٍ لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، إِنَّمَا هُوَ وَلَدُ مَصْقَلَةَ بْنِ