اسْتَخْرَجُوا شَبِيبًا، فَشَقُّوا جَوْفَهُ وَأَخْرَجُوا قَلْبَهُ، وَكَانَ صَلْبًا كَأَنَّهُ صَخْرَةٌ، فَكَانَ يُضْرَبُ بِهِ الصَّخْرَةَ فَيَثِبُ عَنْهَا قَامَةَ الْإِنْسَانِ.

قِيلَ: وَكَانَ شَبِيبٌ يُنْعَى إِلَى أُمِّهِ، فَيُقَالُ: قُتِلَ، فَلَا تَقْبَلُ ذَلِكَ، فَلَمَّا قِيلَ لَهَا غَرِقَ صَدَّقَتْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ حِينَ وَلَدْتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنِّي شِهَابُ نَارٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يُطْفِئُهُ إِلَّا الْمَاءُ. وَكَانَتْ أُمُّهُ جَارِيَةً رُومِيَّةً قَدِ اشْتَرَاهَا أَبُوهُ، فَأَوْلَدَهَا شَبِيبًا مِنْهُ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَالَتْ: إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ قُبُلِي شِهَابُ نَارٍ، فَذَهَبَ سَاطِعًا فِي السَّمَاءِ وَبَلَغَ الْآفَاقَ كُلَّهَا، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ وَقَعَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ فَخَبَا، وَقَدْ وَلَدْتُهُ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا الَّذِي تُهْرِيُقُونَ فِيهِ الدِّمَاءَ، وَقَدْ أَوَّلْتُ ذَلِكَ أَنَّ وَلَدِي يَكُونُ صَاحِبَ دِمَاءٍ، وَأَنَّ أَمْرَهُ سَيَعْلُو فَيَعْظُمُ سَرِيعًا. وَكَانَ أَبُوهُ يَخْتَلِفُ بِهِ إِلَى اللَّصَفِ أَرْضِ قَوْمِهِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي شَيْبَانَ.

ذِكْرُ خُرُوجِ مُطَرِّفِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ

قِيلَ: إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ كَانُوا صُلَحَاءَ أَشْرَافًا بِأَنْفُسِهِمْ مَعَ شَرَفِ أَبِيهِمْ وَمَنْزِلَتِهِمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ وَرَآهُمْ عَلِمَ أَنَّهُمْ رِجَالُ قَوْمِهِمْ، فَاسْتَعْمَلَ عُرْوَةَ عَلَى الْكُوفَةِ، وَمُطَرِّفًا عَلَى الْمَدَائِنِ، وَحَمْزَةَ عَلَى هَمَذَانَ، وَكَانُوا فِي أَعْمَالِهِمْ أَحْسَنَ النَّاسِ سِيرَةً، وَأَشَدَّهُمْ عَلَى الْمُرِيبِ، وَكَانَ مُطَرِّفٌ عَلَى الْمَدَائِنِ عِنْدَ خُرُوجِ شَبِيبٍ وَقُرْبِهِ مِنْهَا، كَمَا سَبَقَ، فَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يَسْتَمِدُّهُ، فَأَمَدَّهُ بِسَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ وَغَيْرِهِ، وَأَقْبَلَ شَبِيبٌ حَتَّى نَزَلَ بَهُرَسِيرَ، وَكَانَ مُطَرِّفٌ بِالْمَدِينَةِ الْعَتِيقَةِ، وَهِيَ الَّتِي فِيهَا إِيوَانُ كِسْرَى، فَقَطَعَ مُطَرِّفٌ الْجِسْرَ، وَبَعَثَ إِلَى شَبِيبٍ يَطْلُبُ إِلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ لِيَنْظُرَ فِيمَا يَدْعُونَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عِدَّةً مِنْهُمْ، فَسَأَلَهُمْ مُطَرِّفٌ عَمَّا يَدْعُونَ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: نَدْعُوا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ الَّذِي نَقَمْنَا مِنْ قَوْمِنَا الِاسْتِئْثَارَ بِالْفَيْءِ، وَتَعْطِيلَ الْحُدُودِ، (وَالتَّسَلُّطَ بِالْجَبْرِيَّةِ) .

فَقَالَ لَهُمْ مُطَرِّفٌ: مَا دَعَوْتُمْ إِلَّا إِلَى حَقٍّ، وَمَا نَقَمْتُمْ إِلَّا جَوْرًا ظَاهِرًا، أَنَا لَكُمْ مُتَابِعٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015