قَضَى نَحْبَهُ يَوْمَ اللِّقَاءِ ابْنُ مِخْنَفٍ ... وَأَدْبَرَ عَنْهُ كُلُّ أَلْوَثَ دَاثِرِ
أَمَدَّ وَلَمْ يُمْدَدْ فَرَاحَ مُشَمِّرًا ... إِلَى اللَّهِ لَمْ يَذْهَبْ بِأَثْوَابِ غَادِرِ
وَأَقَامَ الْمُهَلَّبُ بِسَابُورَ يُقَاتِلُهُمْ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ تَحَرَّكَ صَالِحُ بْنُ مُسَرَّحٍ أَحَدُ بَنِي امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ مِنْ تَمِيمٍ، وَكَانَ يَرَى رَأْيَ الصُّفْرِيَّةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَرَجَ فِيهِمْ، وَحَجَّ هَذِهِ السَّنَةَ وَمَعَهُ شَبِيبُ بْنُ يَزِيدَ، وَسُوَيْدٌ، وَالْبَطِينُ، وَأَشْبَاهُهُمْ، وَحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ الْمَلِكِبْنُ مَرْوَانَ، فَهَمَّ شَبِيبٌ أَنْ يَفْتِكَ بِهِ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ مِنْ خَبَرِهِمْ، فَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ بَعْدَ انْصِرَافِهِ يَأْمُرُهُ بِطَلَبِهِمْ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا يَأْتِي الْكُوفَةَ، فَيُقِيمُ بِهَا الشَّهْرَ وَنَحْوَهُ، فَيَلْقَى أَصْحَابَهُ وَيُعِدُّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا طَلَبَهُ الْحَجَّاجُ نَبَتْ بِهِ الْكُوفَةُ، فَتَرَكَهَا.
وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الصَّائِفَةَ عِنْدَ خُرُوجِ الرُّومِ إِلَى الْعُمْقِ مِنْ نَاحِيَةِ مَرْعَشٍ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ عَبْدُ الْمَلِكِ، فَخَطَبَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي لَسْتُ بِالْخَلِيفَةِ الْمُسْتَضْعَفِ، يَعْنِي عُثْمَانَ، وَلَا بِالْخَلِيفَةِ الْمُدَاهِنِ، يَعْنِي مُعَاوِيَةَ، وَلَا بِالْخَلِيفَةِ الْمَأْفُونِ، يَعْنِي يَزِيدَ، أَلَا وَإِنِّي لَا أُدَاوِي هَذِهِ الْأُمَّةَ إِلَّا بِالسَّيْفِ حَتَّى تَسْتَقِيمَ لِي قَنَاتُكُمْ، وَإِنَّكُمْ تُحَفِّظُونَنَا أَعْمَالَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَلَا تَعْمَلُونَ مِثْلَ أَعْمَالِهِمْ، وَإِنَّكُمْ تَأْمُرُونَنَا بِتَقْوَى اللَّهِ وَتَنْسَوْنَ ذَلِكَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ، وَاللَّهِ لَا يَأْمُرُنِي أَحَدٌ