كَانَ مِنْ خَبَرِ أَشْمُوِيلَ بْنِ بَالِي أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا طَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلَاءُ وَطَمِعَ فِيهِمُ الْأَعْدَاءُ، وَأُخِذَ التَّابُوتُ مِنْهُمْ، فَصَارُوا بَعْدَهُ لَا يَلْقَوْنَ مَلِكًا إِلَّا خَائِفِينَ، فَقَصَدَهُمْ جَالُوتُ مَلِكُ الْكَنْعَانِيِّينَ، وَكَانَ مُلْكُهُ مَا بَيْنَ مِصْرَ وَفِلَسْطِينَ، فَظَفِرَ بِهِمْ فَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ، وَأَخَذَ مِنْهُمُ التَّوْرَاةَ، فَدَعَوُا اللَّهَ أَنْ يَبْعَثَ لَهُمْ نَبِيًّا يُقَاتِلُونَ مَعَهُ، وَكَانَ سِبْطُ النُّبُوَّةِ هَلَكُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرُ امْرَأَةٍ حُبْلَى، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ خِيفَةَ أَنْ تَلِدَ جَارِيَةً فَتُبَدِّلَهَا بِغُلَامٍ لِمَا تَرَى مِنْ رَغْبَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي وَلَدِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا سَمَّتْهُ أَشْمُوِيلَ، وَمَعْنَاهُ: سَمِعَ اللَّهُ دُعَائِي.
وَسَبَبُ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ أَنَّهَا كَانَتْ عَاقِرًا، وَكَانَ لِزَوْجِهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى قَدْ وَلَدَتْ لَهُ عَشَرَةَ أَوْلَادٍ فَبَغَتَ عَلَيْهَا بِكَثْرَةِ الْأَوْلَادِ، فَانْكَسَرَتِ الْعَجُوزُ وَدَعَتِ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهَا وَلَدًا، فَرَحِمَ اللَّهُ انْكِسَارَهَا وَحَاضَتْ لِوَقْتِهَا وَقَرُبَ مِنْهَا زَوْجُهَا، فَحَمَلَتْ، فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ وَلَدَتْ غُلَامًا فَسَمَّتْهُ أَشْمُوِيلَ، فَلَمَّا كَبِرَ أَسْلَمَتْهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَتَعَلَّمُ التَّوْرَاةَ، وَكَفَلَهُ شَيْخٌ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَتَبَنَّاهُ.
فَلَمَّا بَلَغَ أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا أَتَاهُ جَبْرَائِيلُ وَهُوَ يُصَلِّي فَنَادَاهُ بِصَوْتٍ يُشْبِهُ صَوْتَ الشَّيْخِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ؟ فَكَرِهَ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَدْعُكَ فَيَفْزَعَ، فَقَالَ: ارْجِعْ