وَقْعَةٍ لَهُمْ، فَقُتِلَ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ خَمْسُمِائَةٍ، وَقُتِلَ شُعَيْثٌ، وَكَانَتْ رِجْلُهُ قُطِعَتْ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ عَلِمَتْ قَيْسٌ وَنَحْنُ نَعْلَمْ ... أَنَّ الْفَتَى يَقْتُلُ وَهُوَ أَجْذَمْ
يَوْمُ الثَّرْثَارِ الْأَوَّلِ
وَالثَّرْثَارُ نَهَرٌ أَصْلُ مَنْبَعِهِ شَرْقِيُّ سِنْجَارَ، وَبِالْقُرْبِ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا سُرَّقَ، وَيُفْرِغُ فِي دِجْلَةَ بَيْنَ الْكَحِيلِ وَرَأْسِ الْأَيْلِ مِنْ عَمَلِ الْفَرَجِ.
لَمَّا قُتِلَ بِمَاكِسِينَ مَنْ ذَكَرْنَا اسْتَمَدَّتْ تَغْلِبُ وَحَشَدَتْ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهَا النَّمِرُ بْنُ قَاسِطٍ، وَأَتَاهَا الْمُشَجَّرُ بْنُ الْحَارِثِ الشَّيْبَانِيُّ، وَكَانَ مِنْ سَادَاتِهِمْ بِالْجَزِيرَةِ، وَأَتَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ ظَبْيَانَ مُنْجِدًا لَهُمْ عَلَى قَيْسٍ، فَلِذَلِكَ حَقَدَ عَلَيْهِ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ حَتَّى قَتَلَ أَخَاهُ النَّابِئَ بْنَ زِيَادٍ، وَاسْتَنْجَدَ عُمَيْرٌ تَمِيمًا وَأَسَدًا، فَلَمْ يُنْجِدْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَالْتَقَوْا عَلَى الثَّرْثَارِ، وَقَدْ جَعَلَتْ تَغْلِبُ عَلَيْهَا بَعْدَ شُعَيْبٍ زِيَادَ بْنَ هَوْبَرٍ، وَيُقَالُ: يَزِيدَ بْنَ هَوْبَرٍ التَّغْلِبِيَّ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَتْ قَيْسٌ، وَقَتَلَتْ تَغْلِبُ وَمَنْ مَعَهَا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَبَقَرُوا بُطُونَ ثَلَاثِينَ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَقَالَتْ لَيْلَى بِنْتُ الْحَارِسِ التَّغْلِبِيَّةُ، وَقِيلَ هِيَ لِلْأَخْطَلِ:
لَمَّا رَأَوْنَا وَالصَّلِيبَ طَالِعَا ... وَمَارَسَرْجِيسَ وَسُمًّا نَاقِعَا
وَالْخَيْلَ لَا تَحْمِلُ إِلَّا دَارِعَا ... وَالْبِيضَ فِي أَيْمَانِنَا قَوَاطِعَا
خَلَّوْا لَنَا الثَّرْثَارَ وَالْمَزَارِعَا ... وَحِنْطَةً طَيْسًا وَكَرْمًا يَانِعَا
يَوْمُ الثَّرْثَارِ الثَّانِي
ثُمَّ إِنَّ قَيْسًا تَجَمَّعَتْ وَاسْتَمَدَّتْ وَاسْتَعَدَّتْ وَعَلَيْهَا عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَأَتَاهُمْ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ قَرْقِيسِيَا، وَكَانَ رَئِيسَ بَنِي تَغْلِبَ، وَالنَّمِرِ، وَمَعَهُمَا ابْنُ هَوْبَرٍ، فَالْتَقَوْا بِالثَّرْثَارِ،