الْحَنَفِيَّةِ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَبَقِيَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ حَتَّى حَصَرَ الْحَجَّاجُ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَقْبَلَ مِنَ الطَّائِفِ فَنَزَلَ الشِّعْبَ، فَطَلَبَهُ الْحَجَّاجُ لِيُبَايِعَ عَبْدَ الْمَلِكِ، (فَامْتَنَعَ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ.
فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ كَتَبَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ) يَطْلُبُ مِنْهُ الْأَمَانَ لَهُ وَلِمَنْ مَعَهُ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَأْمُرُهُ بِالْبَيْعَةِ، فَأَبَى وَقَالَ: قَدْ كَتَبْتُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، فَإِذَا جَاءَنِي جَوَابُهُ بَايَعْتُ.
وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ يُوصِيهِ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، فَتَرَكَهُ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيُّ، وَمَعَهُ كِتَابُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَمَانِهِ وَبَسْطِ حَقِّهِ وَتَعْظِيمِ أَهْلِهِ، حَضَرَ عِنْدَ الْحَجَّاجِ، وَبَايَعَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَقَدِمَ عَلَيْهِ الشَّامَ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ لِلْحَجَّاجِ عَلَيْهِ سَبِيلًا، فَأَزَالَ حُكْمَ الْحَجَّاجِ عَنْهُ.
وَقِيلَ: إِنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يُبَايِعَا، فَقَالَا: حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ ثُمَّ نُبَايِعُ، فَإِنَّكَ فِي فِتْنَةٍ. فَعَظُمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا، وَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ، وَحَبَسَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ فِي زَمْزَمَ، وَضَيَّقَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَنْزِلِهِ، وَأَرَادَ إِحْرَاقَهُمَا، فَأَرْسَلَ الْمُخْتَارُ جَيْشًا، كَمَا تَقَدَّمَ، فَأَزَالَ عَنْهُمَا ضَرَرَ ابْنِ الزُّبَيْرِ.
فَلَمَّا قُتِلَ الْمُخْتَارُ قَوِيَ عَلَيْهِمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ وَقَالَ: لَا تُجَاوِرَانِي، فَخَرَجَا إِلَى الطَّائِفِ، وَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ ابْنَهُ عَلِيًّا إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِالشَّامِ وَقَالَ: لَئِنْ يُرَبِّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يُرَبِّنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ. يَعْنِي بِبَنِي عَمِّهِ بَنِي أُمَيَّةَ ; لِأَنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَيَعْنِي بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَإِنَّهُ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ. وَلَمَّا وَصَلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ، سَأَلَهُ عَنِ اسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ، فَقَالَ: اسْمِي عَلِيٌّ، وَالْكُنْيَةُ أَبُو الْحَسَنِ. فَقَالَ: لَا يَجْتَمِعُ هَذَا الِاسْمُ وَهَذِهِ الْكُنْيَةُ فِي عَسْكَرِيٍّ، أَنْتَ أَبُو مُحَمَّدٍ.
وَلَمَّا وَصَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى الطَّائِفِ تُوُفِّيَ بِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِخُرَاسَانَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ حِصَارُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ مَنْ كَانَ بِخُرَاسَانَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، بِسَبَبِ قَتْلِهِمُ ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَلَمَّا تَفَرَّقَتْ بَنُو تَمِيمٍ بِخُرَاسَانَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، أَتَى