بَنِي أُمَيَّةَ وَابْنَ الزُّبَيْرِ، وَتُعْطُونِي عَلَى الْوَفَاءِ عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ، وَمَا أَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ مِنَ الْأَيْمَانِ؟ فَقَالَ شَبَثٌ: حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى أَصْحَابِي، فَأَذْكُرَ لَهُمْ ذَلِكَ. فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ، وَأُجْمِعَ رَأْيُهُمْ عَلَى قِتَالِهِ.
فَاجْتَمَعَ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، وَشَمِرٌ - حَتَّى دَخَلُوا عَلَى كَعْبِ بْنِ أَبِي كَعْبٍ الْخَثْعَمِيِّ، فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَيْهِ، فَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى دَخَلُوا عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ الْأَزْدِيِّ، فَدَعَوْهُ إِلَى ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أَطَعْتُمُونِي لَمْ تَخْرُجُوا. فَقَالُوا لَهُ: لِمَ؟ فَقَالَ: لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ تَتَفَرَّقُوا وَتَخْتَلِفُوا، وَمَعَ الرَّجُلِ شُجْعَانُكُمْ وَفُرْسَانُكُمْ مِثْلَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، ثُمَّ مَعَهُ عَبِيدُكُمْ وَمَوَالِيكُمْ، وَكَلِمَةُ هَؤُلَاءِ وَاحِدَةٌ، وَمَوَالِيكُمْ أَشُدُّ حَنَقًا عَلَيْكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ، فَهُمْ مُقَاتِلُوكُمْ بِشَجَاعَةِ الْعَرَبِ وَعَدَاوَةِ الْعَجَمِ، وَإِنِ انْتَظَرْتُمُوهُ قَلِيلًا كُفِيتُمُوهُ بِقُدُومِ أَهْلِ الشَّامِ، (أَوْ مَجِيءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَتَكُونُوا قَدْ كُفِيتُمُوهُ) بِغَيْرِكُمْ، وَلَمْ تَجْعَلُوا بَأْسَكُمْ بَيْنَكُمْ. فَقَالُوا: نَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تُخَالِفَنَا وَتُفْسِدَ عَلَيْنَا رَأَيْنَا، وَمَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ! فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، فَإِذَا شِئْتُمْ فَاخْرُجُوا.
فَوَثَبُوا بِالْمُخْتَارِ بَعْدَ مَسِيرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، وَخَرَّجُوا بِالْجَبَابِينَ، كُلُّ رَئِيسٍ بِجَبَّانَةٍ. فَلَمَّا بَلَغَ الْمُخْتَارَ خُرُوجُهُمْ أَرْسَلَ قَاصِدًا مُجِدًّا إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ، فَلَحِقَهُ وَهُوَ بِسَابَاطَ يَأْمُرُهُ بِالرُّجُوعِ وَالسُّرْعَةِ، وَبَعَثَ الْمُخْتَارُ إِلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ: أَخْبِرُونِي مَاذَا تُرِيدُونَ، فَإِنِّي صَانِعٌ كُلَّ مَا أَحْبَبْتُمْ. قَالُوا: نُرِيدُ أَنْ تَعْتَزِلَنَا، فَإِنَّكَ زَعَمْتَ أَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بَعَثَكَ، وَلَمْ يَبْعَثْكَ. قَالَ: فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ وَفْدًا مِنْ قِبَلِكُمْ، وَأُرْسِلُ أَنَا إِلَيْهِ وَفْدًا، ثُمَّ انْظُرُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى يَظْهَرَ لَكُمْ. وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُرَيِّثَهُمْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَكَفُّوا أَيْدِيَهُمْ، وَقَدْ أَخَذَ عَلَيْهِمْ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِأَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ إِلَّا الْقَلِيلُ.
وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبِيعٍ فِي الْمَيْدَانِ، فَقَاتَلَهُ بَنُو شَاكِرٍ قِتَالًا شَدِيدًا، فَجَاءَهُ عُقْبَةُ بْنُ طَارِقٍ الْجُشَمِيُّ فَقَاتَلَ مَعَهُ سَاعَةً حَتَّى رَدَّهُمْ عَنْهُ، ثُمَّ أَقْبَلُ فَنَزَلَ عُقْبَةُ مَعَ شَمِرٍ وَمَعَهُ قَيْسُ عَيْلَانَ فِي جَبَّانَةِ سَلُولَ، وَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَبِيعٍ مَعَ أَهْلِ الْيَمَنِ فِي جَبَّانَةِ السَّبِيعِ.
وَلَمَّا سَارَ رَسُولُ الْمُخْتَارِ وَصَلَ إِلَى ابْنِ الْأَشْتَرِ عَشِيَّةَ يَوْمِهِ، فَرَجَعَ ابْنُ الْأَشْتَرِ بَقِيَّةَ