وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ يَسْتَظِلُّ فِي عَرِيشٍ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مِنْ نَقِيرٍ مِنْ حَجَرٍ تَوَاضُعًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ مَلَكَ الْمَوْتِ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ فَلَطَمَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَعَادَ، وَقَالَ: يَا رَبِّ، أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُحِبُّ الْمَوْتَ. قَالَ اللَّهُ: ارْجِعْ لَهُ وَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى ظَهْرِ ثَوْرٍ وَلَهُ بِكُلِّ شَعَرَةٍ تَحْتَ يَدِهِ سَنَةٌ، وَخَيِّرْهُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الْآنَ. فَأَتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَخَيَّرَهُ، فَقَالَ لَهُ: فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: الْمَوْتُ. قَالَ: فَالْآنَ إِذَنْ. فَقَبَضَ رُوحَهُ» . وَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ قَدْ صَحَّ النَّقْلُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ مَوْتُهُ فِي التِّيهِ أَيْضًا.
وَقِيلَ: بَلْ هُوَ الَّذِي فَتَحَ مَدِينَةَ الْجَبَّارِينَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
وَكَانَ جَمِيعُ عُمُرِ مُوسَى مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، مِنْ ذَلِكَ فِي مُلْكِ أَفْرِيدُونَ عِشْرُونَ، وَفِي مُلْكِ مِنُوجِهْرَ مِائَةُ سَنَةٍ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ أَمْرِهِ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَنْ قَبَضَهُ فِي مُلْكِ مِنُوجِهْرَ.
ثُمَّ نُبِّئَ بَعْدَهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ فَكَانَ فِي زَمَنِ مِنُوجِهْرَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَفِي زَمِنِ أَفْرَاسِيَابَ سَبْعَ سِنِينَ.