فَأَصْبَحَ جَارِي مِنْ جُذَيْمَةَ نَائِمًا ... وَلَا يَمْنَعُ الْجِيرَانَ غَيْرُ الْمُشَمِّرِ
فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ:
يَغْسِلُ الْمَاءُ مَا صَنَعْتَ وَقَوْلِي ... رَاسِخٌ مِنْكَ فِي الْعِظَامِ الْبَوَالِي
ثُمَّ سَيَّرَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى أَخِيهِ عَبَّادٍ بِسِجِسْتَانَ، فَكَلَّمَتِ الْيَمَانِيَةُ بِالشَّامِ مُعَاوِيَةَ فِيهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبَّادٍ فَأَخَذَهُ مِنْ عِنْدِهِ، فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَقَالَ فِي طَرِيقِهِ:
عَدَسْ مَا لِعَبَّادٍ عَلَيْكِ إِمَارَةٌ ... أَمِنْتِ وَهَذَا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
لَعَمْرِي لَقَدْ نَجَّاكِ مِنْ هُوَّةِ الرَّدَى ... إِمَامٌ وَحَبْلٌ لِلْأَنَامِ وَثِيقُ
سَأَشْكُرُ مَا أَوْلَيْتَ مِنْ حُسْنِ نِعْمَةٍ ... وَمِثْلِي بِشُكْرِ الْمُنْعِمِينَ حَقِيقُ
فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَكَى وَقَالَ: رُكِبَ مِنِّي مَا لَمْ يُرْكَبْ مِنْ مُسْلِمٍ مِثْلُهُ عَلَى غَيْرِ حَدَثٍ، قَالَ: أَوَلَسْتَ الْقَائِلَ:
أَلَا أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ
الْقَصِيدَةَ؟
فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ الَّذِي عَظَّمَ حَقَّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَا قُلْتُ هَذَا، وَإِنَّمَا قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ أَخُو مَرْوَانَ وَاتَّخَذَنِي ذَرِيعَةً إِلَى هِجَاءِ زِيَادٍ.
قَالَ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ:
فَأَشْهِدْ أَنَّ أُمَّكَ لَمْ تُبَاشِرْ ... أَبَا سُفْيَانَ وَاضِعَةَ الْقِنَاعِ
فِي أَشْعَارٍ كَثِيرَةٍ هَجَوْتَ بِهَا ابْنَ زِيَادٍ؟ اذْهَبْ فَقَدْ عَفَوْنَا عَنْكَ فَانْزِلْ أَيَّ أَرْضِ اللَّهِ شِئْتَ.
فَنَزَلَ الْمَوْصِلَ وَتَزَوَّجَ بِهَا.
فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةَ بِنَائِهِ بِامْرَأَتِهِ خَرَجَ حِينَ أَصْبَحَ إِلَى