لَا نَجِدُ إِلَى مَا تُرِيدُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ سَبِيلًا حَتَّى نَخُوضَ إِلَيْهَا الدِّمَاءَ.
وَاسْتَعْمَلَ زِيَادٌ عَلَى شُرْطَتِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حِصْنٍ، وَأَجَّلَ النَّاسَ حَتَّى بَلَغَ الْخَبَرُ الْكُوفَةَ وَعَادَ إِلَيْهِ وُصُولُ الْخَبَرِ، فَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ ثُمَّ يُصَلِّي فَيَأْمُرُ رَجُلًا أَنْ يَقْرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ أَوْ مِثْلَهَا يُرَتِّلُ الْقُرْآنَ، فَإِذَا فَرَغَ أَمْهَلَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ إِنْسَانًا يَبْلُغُ أَقْصَى الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ بِالْخُرُوجِ، فَيَخْرُجُ فَلَا يَرَى إِنْسَانًا إِلَّا قَتَلَهُ، فَأَخَذَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَعْرَابِيًّا فَأَتَى بِهِ زِيَادًا فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتَ النِّدَاءَ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ قَدِمْتُ بِحَلُوبَةٍ لِي وَغَشِيَنِي اللَّيْلُ فَاضْطَرَرْتُهَا إِلَى مَوْضِعٍ وَأَقَمْتُ لِأُصْبِحَ وَلَا عِلْمَ لِي بِمَا كَانَ مِنَ الْأَمِيرِ. فَقَالَ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا وَلَكِنْ فِي قَتْلِكَ صَلَاحُ الْأُمَّةِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَكَانَ زِيَادٌ أَوَّلَ مَنْ شَدَّدَ أَمْرَ السُّلْطَانِ، وَأَكَّدَ الْمُلْكَ لِمُعَاوِيَةَ، وَجَرَّدَ سَيْفَهُ، وَأَخَذَ بِالظِّنَّةِ، وَعَاقَبَ عَلَى الشُّبْهَةِ، وَخَافَهُ النَّاسُ خَوْفًا شَدِيدًا حَتَّى أَمِنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَحَتَّى كَانَ الشَّيْءُ يُسْقِطُ مِنْ يَدِ الرَّجُلِ أَوِ الْمَرْأَةِ فَلَا يَعْرِضُ لَهُ أَحَدٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ صَاحِبُهُ فَيَأْخُذَهُ، وَلَا يُغْلِقُ أَحَدٌ بَابَهُ.
(وَأَدَرَّ الْعَطَاءَ) ، وَبَنَى مَدِينَةَ الرِّزْقِ، وَجَعَلَ الشُّرَطَ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ السَّبِيلَ مَخُوفَةٌ. فَقَالَ: لَا أُعَانِي شَيْئًا وَرَاءَ الْمِصْرِ حَتَّى أُصْلِحَ الْمِصْرَ، فَإِنْ غَلَبَنِي فَغَيْرُهُ أَشَدُّ غَلَبَةً مِنْهُ. فَلَمَّا ضَبَطَ الْمِصْرَ وَأَصْلَحَهُ تَكَلَّفَ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَأَحْكَمَهُ.
ذِكْرُ عُمَّالِ زِيَادٍ
اسْتَعَانَ زِيَادٌ بِعِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ: عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيُّ وَلَّاهُ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ. فَأَمَّا عِمْرَانُ