وَعَظُمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَعَلَى بَنِي أُمَيَّةَ خَاصَّةً، وَجَرَى (أَقَاصِيصُ يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْكِتَابُ فَأَضْرَبْنَا عَنْهَا. وَمَنِ اعْتَذَرَ لِمُعَاوِيَةَ قَالَ: إِنَّمَا) اسْتَلْحَقَ مُعَاوِيَةُ زِيَادًا لِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ أَنْوَاعًا، لَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِ جَمِيعِهَا، وَكَانَ مِنْهَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُجَامِعُونَ الْبَغِيَّ فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَلَدَتْ أَلْحَقَتِ الْوَلَدَ لِمَنْ شَاءَتْ مِنْهُمْ فَيَلْحَقُهُ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ حَرَّمَ هَذَا النِّكَاحَ، إِلَّا أَنَّهُ أَقَرَّ كُلَّ وَلَدٍ كَانَ يُنْسَبُ إِلَى أَبٍ مِنْ أَيِّ نِكَاحٍ كَانَ مِنْ أَنْكِحَتِهِمْ عَلَى نَسَبِهِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا، فَتَوَهَّمَ مُعَاوِيَةُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اسْتِلْحَاقٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، (وَهَذَا مَرْدُودٌ لِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إِنْكَارِهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَلْحَقْ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلَهُ لِيَكُونَ بِهِ حُجَّةً) .
قِيلَ: أَرَادَ زِيَادٌ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ أَنِ اسْتَلْحَقَهُ مُعَاوِيَةُ، فَسَمِعَ أَخُوهُ أَبُو بَكْرَةَ، وَكَانَ مُهَاجِرًا لَهُ مِنْ حِينِ خَالَفَهُ فِي الشَّهَادَةِ (بِالزِّنَا) عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَلَمَّا سَمِعَ بِحَجِّهِ جَاءَ إِلَى بَيْتِهِ وَأَخَذَ ابْنًا لَهُ وَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ قُلْ لِأَبِيكَ إِنَّنِي سَمِعْتُ أَنَّكَ تُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا بُدَّ مِنْ قُدُومِكَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَا شَكَّ أَنْ تَطْلُبَ الِاجْتِمَاعَ بِأُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ أَذِنَتْ لَكَ فَأَعْظِمْ بِهِ خِزْيًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ مَنَعَتْكَ فَأَعْظِمْ بِهِ فَضِيحَةً فِي الدُّنْيَا وَتَكْذِيبًا لِأَعْدَائِكَ.
فَتَرَكَ زِيَادٌ الْحَجَّ وَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَقَدْ أَبْلَغْتَ فِي النُّصْحِ.
ذِكْرُ غَزْوِ الْمُهَلَّبِ السِّنْدَ
وَفِيهَا غَزَا الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ ثَغْرَ السِّنْدِ فَأَتَى بَنَّةَ وَالْأَهْوَازَ، وَهُمَا بَيْنَ الْمُلْتَانِ