قَالَ: فَحَمِدَ مُعَاوِيَةُ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَوَّلَ مَا عَرَفْتُ بِهِ سَفَهَكَ وَخِفَّةَ حِلْمِكَ، أَنْ قَطَعْتَ عَلَى هَذَا الْحَسِيبِ الشَّرِيفِ سَيِّدِ قَوْمِهِ مَنْطِقَهُ، ثُمَّ اعْتَرَضْتَ بَعْدُ فِيمَا لَا عِلْمَ لَكَ بِهِ، فَقَدْ كَذَبْتَ وَلَؤُمْتَ أَيُّهَا الْأَعْرَابِيُّ الْجِلْفُ الْجَافِي فِي كُلِّ مَا ذَكَرْتَ وَوَصَفْتَ! انْصَرِفُوا مِنْ عِنْدِي فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِلَّا السَّيْفَ. وَغَضِبَ، وَخَرَجَ الْقَوْمُ. فَقَالَ لَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ: أَتُهَوِّلُ بِالسَّيْفِ؟ أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَنُعَجِّلَنَّهَا إِلَيْكَ.
فَأَتَوْا عَلِيًّا فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَأَخَذَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ الرَّجُلَ ذَا الشَّرَفِ فَيَخْرُجُ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَيَخْرُجُ إِلَيْهِ آخِرٌ مَنْ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ، فَيَقْتَتِلَانِ فِي خَيْلِهِمَا ثُمَّ يَنْصَرِفَانِ، وَكَرِهُوا أَنْ يَلْقَوْا جَمْعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِجَمْعِ أَهْلِ الشَّامِ لِمَا خَافُوا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مِنْ الِاسْتِئْصَالِ وَالْهَلَاكِ، فَكَانَ عَلِيٌّ يُخْرِجُ مَرَّةً الْأَشْتَرَ وَمَرَّةً حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ الْكِنْدِيَّ، وَمَرَّةً شَبَثَ بْنَ رِبْعِيٍّ، وَمَرَّةً خَالِدَ بْنَ الْمُعَمَّرِ، وَمَرَّةً زِيَادَ بْنَ النَّضْرِ الْحَارِثِيَّ، وَمَرَّةً زِيَادَ بْنَ خَصَفَةً التَّيْمِيَّ، وَمَرَّةً سَعِيدَ بْنَ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيَّ، وَمَرَّةً مَعْقِلَ بْنَ قَيْسٍ الرِّيَاحَيَّ، وَمَرَّةً قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، وَكَانَ الْأَشْتَرُ أَكْثَرُهُمْ خُرُوجًا. وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يُخْرِجُ إِلَيْهِمْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، وَأَبَا الْأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، وَحَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ، وَابْنَ ذِي الْكَلَاعِ الْحِمْيَرِيَّ، وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَشُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ الْكِنْدِيَّ، وَحُمْرَةَ بْنَ مَالِكٍ الْهَمْدَانِيَّ، فَاقْتَتَلُوا أَيَّامَ ذِي الْحِجَّةِ كُلَّهَا، وَرُبَّمَا اقْتَتَلُوا فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ.
ذكر عِدَّةِ حَوَادِثَ
[الْوَفَيَاتُ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِيَسِيرٍ، وَلَمْ يُدْرِكِ الْجَمَلَ،