لِرِجْلَيْهِ فَضَرَبَهُ فَقَطَعَهُمَا، فَوَقَعَ عَلَى اسْتِهِ، وَأُخِذَ أَسِيرًا، فَأُتِيَ بِهِ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَ: اسْتَبْقِنِي. فَقَالَ: أَبَعْدَ ثَلَاثَةٍ تَقْتُلُهُمْ! وَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْمَقْتُولَ عَمْرُو بْنُ يَثْرِبِيٍّ، وَإِنَّ عَمِيرَةَ بَقِيَ حَتَّى وَلِيَ قَضَاءَ الْبَصْرَةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ، وَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ تَوَلَّى ذَلِكَ الْعَدَوِيُّ الزِّمَامَ، فَتَرَكَهُ بِيَدِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ وَبَرَزَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَبِيعَةُ الْعُقَيْلِيُّ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ:
يَا أُمَّتَا أَعَقَّ أُمٍّ نَعْلَمُ ... وَالْأُمُّ تَغْذُو وَلَدًا وَتَرْحَمُ
أَلَا تَرَيْنَ كَمْ شُجَاعٍ يُكْلَمُ ... وَتُخْتَلَى مِنْهُ يَدٌ وَمِعْصَمُ
(كَذَبَ فَهِيَ مِنْ أَبَرِّ أُمٍّ نَعْلَمُ
) .
ثُمَّ اقْتَتَلَا، فَأَثْخَنَ كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَمَاتَا جَمِيعًا، وَقَامَ مَقَامَ الْعَدَوِيِّ الْحَرْثُ الضَّبِّيُّ، فَمَا رُؤِيَ أَشَدُّ مِنْهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ:
نَحْنُ بَنُو ضَبَّةَ أَصْحَابُ الْجَمَلْ ... نُبَارِزُ الْقَرْنَ إِذَا الْقَرْنُ نَزَلْ
نَنْعَى ابْنَ عَفَّانَ بِأَطْرَافِ الْأَسَلْ ... الْمَوْتُ أَحْلَى عِنْدِنَا مِنَ الْعَسَلْ
رُدُّوا عَلَيْنَا شَيْخَنَا ثُمَّ بَجَلْ