عَصَيْتُكَ فَأَطِعْنِي. قَالَ: فَقُلْتُ: أَفْعَلُ، إِنَّ أَيْسَرَ مَا لَكَ عِنْدِي الطَّاعَةُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: تَسِيرُ إِلَى الشَّامِ فَقَدْ وَلَّيْتُكَهَا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هَذَا بِرَأْيٍ، مُعَاوِيَةُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ وَعَامِلُهُ وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي بِعُثْمَانَ، وَإِنَّ أَدْنَى مَا هُوَ صَانِعٌ أَنْ يَحْبِسَنِي فَيَتَحَكَّمَ عَلَيَّ لِقَرَابَتِي مِنْكَ، وَإِنَّ كُلَّ مَا حُمِلَ عَلَيْكَ حُمِلَ عَلَيَّ، وَلَكِنِ اكْتُبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَمَنِّهِ وَعِدْهُ. فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَا كَانَ هَذَا أَبَدًا!
وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَقُولُ: نَصَحْتُهُ فَلَمَّا لَمْ يَقْبَلُ غَشَشْتُهُ. وَخَرَجَ فَلَحِقَ بِمَكَّةَ.
ذكر عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ - سَارَ قُسْطَنْطِينُ بْنُ هِرَقْلٍ فِي أَلْفِ مَرْكَبٍ يُرِيدُ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ (قَبْلَ قَتْلِ عُثْمَانَ) ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ رِيحًا عَاصِفًا فَغَرَّقَهُمْ، وَنَجَا قُسْطَنْطِينُ فَأَتَى صِقِلِّيَةَ، فَصَنَعُوا لَهُ حَمَّامًا، فَدَخَلَهُ فَقَتَلُوهُ فِيهِ وَقَالُوا: قَتَلْتَ رِجَالَنَا. هَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ.
وَهَذَا قُسْطَنْطِينُ هُوَ الَّذِي هَزَمَهُ الْمُسْلِمُونَ فِي غَزْوَةِ الصَّوَارِي سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ، وَقَتَلَهُ أَهْلُ صِقِلِّيَةَ فِي الْحَمَّامِ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي السَّنَةِ الَّتِي كَانَتِ الْوَقْعَةُ فِيهَا، فَلَوْلَا قَوْلُهُ: إِنَّ الْمَرَاكِبَ غَرِقَتْ، لَكَانَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ هِيَ تِلْكَ، فَإِنَّهَا فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: كَانَتْ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ.
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ مَاتَ أَوْسُ بْنُ خَوْلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ. وَفِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ أَيْضًا مَاتَ الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ، وَفِيهَا مَاتَ الْحَرْثُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَرْثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَالِدُ الْمُلَقَّبِ بِبَبَّةَ.