رَجُلًا وَاحِدًا، (فَفَتَحُوا الْحِصْنَ فَقُتِلُوا جَمِيعًا إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا) ، وَحَوَى مَا فِي الْحِصْنِ، فَأَصَابَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَهْدٍ سَفَطًا عَلَيْهِ قُفْلٌ، فَظَنَّ أَنَّ فِيهِ جَوْهَرًا، وَبَلَغَ سَعِيدًا فَبَعَثَ إِلَى النَّهْدِيِّ فَأَتَاهُ بِالسَّفَطِ، فَكَسَرُوا قُفْلَهُ فَوَجَدُوا فِيهِ سَفَطًا، فَفَتَحُوهُ فَوَجَدُوا خِرْقَةً حَمْرَاءَ فَنَشَرُوهَا، فَإِذَا خِرْقَةٌ صَفْرَاءُ وَفِيهَا أَيْرَانُ كُمَيْتٍ وَوَرْدٍ. فَقَالَ شَاعِرٌ يَهْجُو بَنِي نَهْدٍ:
آبَ الْكِرَامُ بِالسَّبَايَا غَنِيمَةً ... وَآبَ بَنُو نَهْدٍ بِأَيْرَيْنِ فِي سَفَطْ
كُمَيْتٍ وَوَرْدٍ وَافِرَيْنِ كِلَاهُمَا ... فَظَنُّوهُمَا غُنْمًا فَنَاهِيكَ مِنْ غَلَطْ
وَفَتَحَ سَعِيدٌ نَامِيَةَ، وَلَيْسَتْ بِمَدِينَةٍ، هِيَ صَحَارَى.
وَمَاتَ مَعَ سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ جَدُّ يُوسُفَ بْنِ عُمَرَ. ثُمَّ رَجَعَ سَعِيدٌ، فَمَدَحَهُ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ فَقَالَ:
فَنِعْمَ الْفَتَى إِذَا حَالَ جِيلَانُ دُونَهُ ... وَإِذْ هَبَطُوا مِنْ دَسْتَبَى ثُمَّ أَبْهَرَا
فِي أَبْيَاتٍ. وَلَمَّا صَالَحَ سَعِيدٌ أَهْلَ جُرْجَانَ كَانُوا يَجْبُونَ أَحْيَانًا مِائَةَ أَلْفٍ، وَأَحْيَانًا مِائَتَيْ أَلْفٍ، وَأَحْيَانًا ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ، وَيَقُولُونَ: هَذَا صُلْحُ صُلْحِنَا، وَرُبَّمَا مَنَعُوهُ، ثُمَّ امْتَنَعُوا وَكَفَرُوا، فَانْقَطَعَ طَرِيقُ خُرَاسَانَ مِنْ نَاحِيَةِ قُومِسَ إِلَّا عَلَى خَوْفٍ شَدِيدٍ مِنْهُمْ. كَانَ الطَّرِيقُ إِلَى خُرَاسَانَ مِنْ فَارِسَ إِلَى كَرْمَانَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَأَوَّلُ مَنْ صَيَّرَ الطَّرِيقَ مِنْ قُومِسَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ حِينَ وَلِيَ خُرَاسَانَ. وَقَدِمَهَا يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ فَصَالَحَ صُولَ، وَفَتَحَ الْبُحَيْرَةَ وَدِهِسْتَانَ، وَصَالَحَ أَهْلَ جُرْجَانَ عَلَى صُلْحِ سَعِيدٍ.
ذكر غَزْوِ حُذَيْفَةَ الْبَابَ وَأَمْرِ الْمَصَاحِفِ
وَفِيهَا صُرِفُ حُذَيْفَةُ عَنْ غَزْوِ الرَّيِّ إِلَى غَزْوِ الْبَابِ مَدَدًا لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَخَرَجَ مَعَهُ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، فَبَلَغَ مَعَهُ أَذْرَبِيجَانَ، وَكَانُوا يَجْعَلُونَ النَّاسَ رِدْءًا، فَأَقَامَ حَتَّى