جُرْزَانَ، فَأَتَاهُ رَسُولُ بِطْرِيقِهَا يَطْلُبُ الصُّلْحَ فَصَالَحَهُ. وَسَارَ إِلَى تَفْلِيسَ فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا، وَهِيَ مِنْ جُرْزَانَ، وَفَتَحَ عِدَّةَ حُصُونٍ وَمُدُنٍ تُجَاوِرُهَا صُلْحًا. وَسَارَ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ الْبَاهِلِيُّ إِلَى أَرَّانَ، فَفَتَحَ الْبَيْلَقَانَ صُلْحًا عَلَى أَنْ آمَنَهُمْ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَحِيطَانِ مَدِينَتِهِمْ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ وَالْخَرَاجَ.
ثُمَّ أَتَى سَلْمَانُ مَدِينَةَ بَرْذَعَةَ فَعَسْكَرَ عَلَى الثُّرْثَوْرِ، نَهْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا نَحْوُ فَرْسَخٍ، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا أَيَّامًا، وَشَنَّ الْغَارَاتِ فِي قُرَاهَا، فَصَالَحُوهُ عَلَى مِثْلِ صُلْحِ الْبَيْلَقَانِ وَدَخَلَهَا، وَوَجَّهَ خَيْلَهُ فَفَتَحَتْ رَسَاتِيقَ الْوِلَايَةِ، وَدَعَا أَكْرَادَ الْبَلَاشِجَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَاتَلُوهُ فَظَفِرَ بِهِمْ، فَأَقَرَّ بَعْضَهُمْ عَلَى الْجِزْيَةِ وَأَدَّى بَعْضُهُمُ الصَّدَقَةَ، وَهُمْ قَلِيلٌ، وَوَجَّهَ سَرِيَّةً إِلَى شَمْكُورَ فَفَتَحُوهَا، وَهِيَ مَدِينَةٌ قَدِيمَةٌ، وَلَمْ تَزَلْ مَعْمُورَةً حَتَّى أَخْرَبَهَا السَّنَاوِرْدِيَّةُ، وَهُمْ قَوْمٌ تَجَمَّعُوا لَمَّا انْصَرَفَ يَزِيدُ بْنُ أُسَيْدٍ عَنْ أَرْمِينِيَّةَ فَعَظُمَ أَمْرُهُمْ، فَعَمَّرَهَا بُغَا سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَسَمَّاهَا الْمُتَوَكِّلِيَّةَ نِسْبَةً إِلَى الْمُتَوَكِّلِ.
وَسَارَ سَلْمَانُ إِلَى مَجْمَعِ أَرَسَ وَالْكُرِّ فَفَتَحَ قَبَلَةَ، وَصَالَحَهُ صَاحِبُ سُكَرَ وَغَيْرِهَا عَلَى الْإِتَاوَةِ، وَصَالَحَهُ مَلِكُ شَرْوَانَ وَسَائِرُ مُلُوكِ الْجِبَالِ وَأَهْلُ مَسْقَطٍ وَالشَّابَرَانِ وَمَدِينَةُ الْبَابِ ثُمَّ امْتَنَعَتْ بَعْدَهُ.
ذكر غَزْوَةِ مُعَاوِيَةَ الرُّومَ
وَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ الرُّومَ فَبَلَغَ عَمُّورِيَّةَ، فَوَجَدَ الْحُصُونَ الَّتِي بَيْنَ أَنْطَاكِيَةَ وَطَرَسُوسَ خَالِيَةً، فَجَعَلَ عِنْدَهَا جَمَاعَةً كَثِيرَةً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَالْجَزِيرَةِ حَتَّى انْصَرَفَ مِنْ غَزَاتِهِ، ثُمَّ