يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. فَقُلْتُ: أَفْعَلُ. فَلَمَّا ذَهَبْتُ لِأَقُومَ اسْتَحْيَا مِنِّي فَقَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، مَكَانَكَ! فَوَاللَّهِ إِنِّي لَرَاعٍ لِحَقِّكَ مُحِبٌّ لِمَا سَرَّكَ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ لِي عَلَيْكَ حَقًّا وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ حَفِظَهُ فَحَظَّهُ أَصَابَ، وَمَنْ أَضَاعَهُ فَحَظَّهُ أَخْطَأَ. ثُمَّ قَامَ فَمَضَى.

ذِكْرُ قِصَّةِ الشُّورَى

قَالَ عُمَرُو بْنُ مَيْمُونَ الْأَوْدِيُّ: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا طُعِنَ قِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوِ اسْتَخْلَفْتَ. فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ حَيًّا لَاسْتَخْلَفْتُهُ وَقُلْتُ لِرَبِّي إِنْ سَأَلَنِي: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: " «إِنَّهُ أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ» ". وَلَوْ كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ حَيًّا لَاسْتَخْلَفْتُهُ وَقُلْتُ لِرَبِّي إِنْ سَأَلَنِي: سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُولُ: " «إِنَّ سَالِمًا شَدِيدُ الْحُبِّ لِلَّهِ تَعَالَى» ". فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَدُلُّكَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتَ اللَّهَ بِهَذَا! وَيْحَكَ! كَيْفَ أَسْتَخْلِفُ رَجُلًا عَجَزَ عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِهِ؟ لَا أَرَبَ لَنَا فِي أُمُورِكُمْ، فَمَا حَمِدْتُهَا فَأَرْغَبَ فِيهَا لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، إِنْ كَانَ خَيْرًا فَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَقَدْ صُرِفَ عَنَّا، بِحَسْبِ آلِ عُمَرَ أَنْ يُحَاسَبَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَيُسْأَلَ عَنْ أَمْرِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، أَمَا لَقَدْ جَهَدْتُ نَفْسِي وَحَرَمْتُ أَهْلِي، وَإِنْ نَجَوْتُ كِفَافًا لَا وِزْرَ وَلَا أَجْرَ إِنِّي لَسَعِيدٌ، وَأَنْظُرُ فَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، وَلَنْ يُضَيِّعَ اللَّهُ دِينَهُ.

فَخَرَجُوا ثُمَّ رَاحُوا فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ عَهِدْتَ عَهْدًا. فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015