هُرَيْرَةَ؟ قُلْتُ: قَرِيبًا، فَأَخَذْتُ أَعْقُبُهُ فَحَمَلْنَاهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى صِرَارٍ، فَإِذَا نَحْوٌ مِنْ عِشْرِينَ بَيْتًا مِنْ مُحَارِبٍ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا أَقْدَمَكُمْ؟ قَالُوا: الْجَهْدُ، وَأَخْرَجُوا لَنَا جِلْدَ الْمَيْتَةِ مَشْوِيًّا كَانُوا يَأْكُلُونَهُ، وَرِمَّةَ الْعِظَامِ مَسْحُوقَةً كَانُوا يَسْتَفُّونَهَا، فَرَأَيْتُ عُمَرَ طَرَحَ رِدَاءَهُ ثُمَّ اتَّزَرَ، فَمَا زَالَ يَطْبُخُ حَتَّى أَشْبَعَهُمْ، ثُمَّ أَرْسَلَ أَسْلَمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَجَاءَنَا بِأَبْعِرَةٍ، فَحَمَلَهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى أَنْزَلَهُمُ الْجَبَّانَةَ، ثُمَّ كَسَاهُمْ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى غَيْرِهِمْ حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ: رَأَتِ الشِّفَاءُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ فِتْيَانًا يَقْصِدُونَ فِي الْمَشْيِ وَيَتَكَلَّمُونَ رُوَيْدًا فَقَالَتْ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: نُسَّاكٌ، فَقَالَتْ: كَانَ وَاللَّهِ عُمَرُ إِذَا تَكَلَّمَ أَسْمَعَ، وَإِذَا مَشَى أَسْرَعَ، وَإِذَا ضَرَبَ أَوْجَعَ، وَهُوَ وَاللَّهِ نَاسِكٌ حَقًا.
قَالَ الْحَسَنُ: خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ رُقْعَةً مِنْهَا أَدَمٌ. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ مُرَقَّعٌ بِقِطْعَةِ جِرَابٍ. وَقَالَ عَلِيٌّ: رَأَيْتُ عُمَرَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ رُقْعَةً فِيهَا مِنْ أَدَمٍ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ عُمَرُ يَمُرُّ بِالْآيَةِ مِنْ وِرْدِهِ فَيَسْقُطُ حَتَّى يُعَادَ كَمَا يُعَادُ الْمَرِيضُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ (وَالطَّوْرِ) ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ - مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: 7 - 8] ، سَقَطَ ثُمَّ تَحَامَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَمَرِضَ شَهْرًا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ عُمَرُ يَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ حَيْثُ أَدْرَكَهُ الْخُصُومُ.
قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: أَتَى رَهْطٌ إِلَى عُمَرَ فَقَالُوا لَهُ: كَثُرَ الْعِيَالُ وَاشْتَدَّتِ الْمَؤُونَةُ فَزِدْنَا فِي عَطَائِنَا. قَالَ: فَعَلْتُمُوهَا، جَمَعْتُمْ بَيْنَ الضَّرَائِرِ وَاتَّخَذْتُمُ الْخَدَمَ مِنْ مَالِ اللَّهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي وَإِيَّاكُمْ فِي سَفِينَةٍ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ تَذْهَبُ بِنَا شَرْقًا وَغَرْبًا، فَلَنْيَعْجِزَ النَّاسُ أَنْ يُوَلُّوا رَجُلًا مِنْهُمْ، فَإِنِ اسْتَقَامَ اتَّبَعُوهُ، وَإِنْ جَنَفَ قَتَلُوهُ. فَقَالَ طَلْحَةُ: وَمَا عَلَيْكَ لَوْ قُلْتَ: وَإِنْ تَعَوَّجَ عَزَلُوهُ؟ قَالَ: لَا، الْقَتْلُ أَنْكَلُ لِمَنْ بَعْدَهُ، احْذَرُوا فَتَى ابْنِ قُرَيْشٍ وَابْنِ كَرِيمِهَا