حَصَرُوهُمْ بِزَرَنْجَ، وَمَخَرُوا أَرْضَ سِجِسْتَانَ مَاهْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ طَلَبُوا الصُّلْحَ عَلَى زَرَنْجَ وَمَا احْتَازُوا مِنَ الْأَرَضِينَ فَأُعْطُوا، وَكَانُوا قَدِ اشْتَرَطُوا فِي صُلْحِهِمْ أَنَّ فَدَافِدَهَا حِمًى، فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَجَنَّبُونَهَا خَشْيَةَ أَنْ يُصِيبُوا مِنْهَا شَيْئًا فَيُخْفِرُوا، وَأُقِيمَ أَهْلُ سِجِسْتَانَ عَلَى الْخَرَاجِ، وَكَانَتْ سِجِسْتَانُ أَعْظَمَ مِنْ خُرَاسَانَ وَأَبْعَدَ فُرُوجًا، يُقَاتِلُونَ الْقُنْدُهَارَ وَالتُّرْكَ وَأُمَمًا كَثِيرَةً، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى كَانَ زَمَنُ مُعَاوِيَةَ، فَهَرَبَ الشَّاهُ مِنْ أَخِيهِ رُتْبِيلَ إِلَى بَلَدٍ فِيهَا يُدْعَى آمُلَ، وَدَانَ لِسَلْمِ بْنِ زِيَادٍ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِجِسْتَانَ، فَفَرِحَ بِذَلِكَ وَعَقَدَ لَهُمْ وَأَنْزَلَهُمُ الْبِلَادَ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ يُرِي أَنَّهُ فُتِحَ عَلَيْهِ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: إِنَّ ابْنَ أَخِي لَيَفْرَحُ بِأَمْرٍ إِنَّهُ لَيُحْزِنُنِي وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُحْزِنَهُ. قَالَ: وَلِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: إِنَّ آمُلَ بَلْدَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَرَنْجَ صُعُوبَةٌ وَتَضَايُقٌ، وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ غُدُرٌ، فَإِذَا اضْطَرَبَ الْحَبْلُ غَدًا فَأَهْوَنُ مَا يَجِيءُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَغْلِبُونَ عَلَى بِلَادِ آمُلَ بِأَسْرِهَا. وَأَقَرَّهُمْ عَلَى عَهْدِ سَلْمِ بْنِ زِيَادٍ. فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بَعْدَ مُعَاوِيَةَ كَفَرَ الشَّاهُ وَغَلَبَ عَلَى آمُلَ وَاعْتَصَمَ مِنْهُ رُتْبِيلُ بِمَكَانِهِ، وَلَمْ يُرْضِهِ ذَلِكَ حِينَ تَشَاغَلَ عَنْهُ النَّاسُ حَتَّى طَمِعَ فِي زَرَنْجَ فَغَزَاهَا وَحَصَرَ مَنْ بِهَا حَتَّى أَتَتْهُمُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْبَصْرَةِ، وَصَارَ رُتْبِيلُ وَالَّذِينَ مَعَهُ عُصْبَةً، وَكَانَتْ تِلْكَ الْبِلَادُ مُذَلَّلَةً إِلَى أَنْ مَاتَ مُعَاوِيَةُ.

وَقِيلَ فِي فَتْحِ سِجِسْتَانَ غَيْرُ هَذَا، وَسَيَرِدُ ذِكْرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.

ذكر فَتْحِ مُكْرَانَ

وَقَصَدَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو التَّغْلِبِيُّ مُكْرَانَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا، وَلَحِقَ بِهِ شِهَابُ بْنُ الْمُخَارِقِ وَسُهَيْلُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِتْبَانَ، فَانْتَهَوْا إِلَى دُوَيْنِ النَّهْرِ، وَأَهْلُ مُكْرَانَ عَلَى شَاطِئِهِ، فَاسْتَمَدَّ مَلِكُهُمْ مَلِكَ السِّنْدِ، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ كَثِيفٍ، فَالْتَقَوْا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فَانْهَزَمُوا، وَقُتِلَ مِنْهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَقْتُلُونَهُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015