وَقَصَدَ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ لِإِصْطَخْرَ، فَالْتَقَى هُوَ وَأَهْلُ إِصْطَخْرَ بِجُورَ، فَاقْتَتَلُوا وَانْهَزَمَ الْفُرْسُ، وَفَتَحَ الْمُسْلِمُونَ جُورَ ثُمَّ إِصْطَخْرَ، وَقَتَلُوا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ فَرَّ مَنْ فَرَّ، فَدَعَاهُمْ عُثْمَانُ إِلَى الْجِزْيَةِ وَالذِّمَّةِ، فَأَجَابَهُ الْهِرْبِذُ إِلَيْهَا، فَتَرَاجَعُوا، وَكَانَ عُثْمَانُ قَدْ جَمَعَ الْغَنَائِمَ لَمَّا هَزَمَهُمْ، فَبَعَثَ بِخُمُسِهَا إِلَى عُمَرَ وَقَسَّمَ الْبَاقِيَ فِي النَّاسِ.
وَفَتَحَ عُثْمَانُ كَازَرُونَ وَالنُّوبَنْدَجَانَ وَغَلَبَ عَلَى أَرْضِهَا، وَفَتَحَ هُوَ وَأَبُو مُوسَى مَدِينَةَ شِيرَازَ وَأَرَّجَانَ، وَفَتَحَا سِينِيزَ عَلَى الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ. وَقَصَدَ عُثْمَانُ أَيْضًا جَنَّابَا فَفَتَحَهَا، وَلَقِيَهُ جَمْعُ الْفُرْسِ بِنَاحِيَةِ جَهْرَمَ فَهَزَمَهُمْ وَفَتَحَهَا.
ثُمَّ إِنَّ شَهْرَكَ خَلَعَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ وَأَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ. فَوُجِّهَ إِلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ ثَانِيَةً وَأَتَتْهُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَأَمِيرُهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْمَرٍ وَشِبْلُ بْنُ مَعْبَدٍ، فَالْتَقَوْا بِأَرْضِ فَارِسَ. فَقَالَ شَهْرَكُ لِابْنِهِ وَهُمَا فِي الْمَعْرَكَةِ، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ قَرْيَةٍ لَهُمَا تُدْعَى رِيشَهْرَ ثَلَاثَةُ فَرَاسِخَ: يَا بُنَيَّ أَيْنَ يَكُونُ غَدَاؤُنَا هَاهُنَا أَمْ بِرِيشَهْرَ؟ قَالَ لَهُ: يَا أَبَهْ، إِنْ تَرَكُونَا فَلَا يَكُونُ غَدَاؤُنَا هَاهُنَا وَلَا بِرِيشَهْرَ وَلَا نَكُونَنَّ إِلَّا فِي الْمَنْزِلِ، [وَلَكِنْ وَاللَّهِ] مَا أَرَاهُمْ يَتْرُكُونَنَا. فَمَا فَرَغَا مِنْ كَلَامِهِمَا حَتَّى أَنْشَبَ الْمُسْلِمُونَ الْحَرْبَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا