عَبْسٍ فَسَأَلَهُمْ، فَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ، وَلَا يَغْزُو فِي السَّرِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ قَالَهَا رِيَاءً وَكَذِبًا وَسُمْعَةً فَأَعْمِ بَصَرَهُ، وَأَكْثِرْ عِيَالَهُ، وَعَرِّضْهُ لِمُضِلَّاتِ الْفِتَنِ. فَعَمِيَ، وَاجْتَمَعَ عِنْدَهُ عَشْرُ بَنَاتٍ، وَكَانَ يَسْمَعُ بِالْمَرْأَةِ فَيَأْتِيهَا حَتَّى يَجُسَّهَا، فَإِذَا عُثِرَ عَلَيْهِ قَالَ: دَعْوَةُ سَعْدٍ الرَّجُلِ الْمُبَارَكِ. ثُمَّ دَعَا سَعْدٌ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانُوا خَرَجُوا أَشَرًا وَبَطَرًا وَرِيَاءً فَاجْهَدْ بِلَادَهُمْ. فَجُهِدُوا، وَقُطِّعَ الْجَرَّاحُ بِالسُّيُوفِ يَوْمَ بَادَرَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِيَغْتَالَهُ بِسَابَاطَ، وَشُدِخَ قَبِيصَةُ بِالْحِجَارَةِ، وَقُتِلَ أَرْبَدُ بِالْوَجْءِ وَنِعَالِ السُّيُوفِ.
وَقَالَ سَعْدٌ: إِنِّي أَوَّلُ رَجُلٍ أَهْرَاقَ دَمًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَلَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَوَيْهِ وَمَا جَمَعَهُمَا لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي خُمُسَ الْإِسْلَامِ، وَبَنُو أَسَدٍ تَزْعُمُ أَنِّي لَا أُحْسِنُ أُصَلِّي وَأَنَّ الصَّيْدَ يُلْهِينِي.
وَخَرَجَ مُحَمَّدٌ بِسَعْدٍ وَبِهِمْ مَعَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمُوا عَلَى عُمَرَ فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: كَيْفَ تُصَلِّي يَا سَعْدُ؟ قَالَ أُطِيلُ الْأُولَيَيْنِ وَأَحْذِفُ الْأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ: هَكَذَا الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ وَلَوْلَا الِاحْتِيَاطُ لَكَانَ سَبِيلُهُمْ بَيِّنًا. وَقَالَ: مَنْ خَلِيفَتُكَ يَا سَعْدُ عَلَى الْكُوفَةِ؟